كان المذهب المادى الذى انتشر فى القرون الثلاثة الأخيرة، فأخذ ينكر هذه الثنائية بقوة، ويعلن أنه ليس هناك عالم سوى هذا العالم المنظور، وأنه ليس شىء سوى المادة، وأنه لا مكان للروح فى هذا الوجود.
ولقد تأثر كثير من الناس بهذا المذهب، ووجد له معلمون وأنصار فى كل مكان، حتى كاد يطمس على كل معتقد دينى، ويطغى على كل ما عرفه الناس من التعاليم الإلهية، وجرف معه العلوم الطبيعية فى هذا الاتجاه؛ إلا أن الله عز وجل قيض من العلماء من يتدارك هذا الأمر، ويقيم الأدلة العلمية على وجود عالم روحانى وراء هذا العالم المنظور بما لا يدع مجالاً للشك، ولا موضعًا للارتياب، فتأسست جمعيات لدراسة المباحث الروحية، وقد ثبت لها من الحقائق ما لم يكن يخطر على بال، ونحن نذكر ما كتبه العلامة الأستاذ/ محمد فريد وجدى - رحمه الله - فى ذلك قال:
فى تاريخ تأسيس جمعية المباحث الروحية فى انجلترا سنة ١٨٨٢م:
جاء فى كتاب الشخصية الإنسانية، للعلامة الأستاذ (هـ. و. ميرس)، مدرس علم النفس فى جامعة كمبردج ما يأتى:
" حوالى سنة ١٨٧٣م حيث كان المذهب المادى قد أوغل فى البلاد حتى وصل إلينا، وبلغ أوج سطوته على العقول ".
اجتمع ثلة من الزملاء فى كمبردج، وأجمعوا رأيًا على أن هذه المسائل العويصة المتنازع فيها - يريد المباحث الروحية - تستحق التفاتًا، وجهدًا جديًا، أكثر مما عولجت به إلى ذلك الحين، وكنت أرى أنا أن محاولة جديرة بهذا الاسم لم تعمل إلى ذلك الوقت للبت فى: هل نحن أهل، أو غير أهل للإلمام بشىء يتعلق بالعالم غير المرئى؟ وكنت مقتنعًا بأنه لو أمكن معرفة شىء من ذلك العالم على أسلوب