للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهى عقيدة واحدة، لا تتبدل بتبدل الزمان أو المكان، ولا تتغير بتغير الأفراد أو الأقوام.

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (١).

وما شرعه الله لنا من الدين، ووصَّانا به - كما وصى رسله السابقين - هو أصول العقائد وقواعد الإيمان، لا فروع الدين، ولا شرائعه العملية؛ فإن لكل أمة من التشريعات العملية ما يتناسب مع ظروفها، وأحوالها، ومستواها الفكرى والروحى.

{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} (٢)

* لماذا كانت العقيدة واحدة وخالدة؟

وإنما جعل الله هذه العقيدة عامة للبشر، وخالدة على الدهر؛ لما لها من الأثر البيِّن، والنفع الظاهر فى حياة الأفراد والجماعات.

فالمعرفة بالله من شأنها أن تفجر المشاعر النبيلة، وتوقظ حواس الخير، وتربى ملكة المراقبة، وتبعث على طلب معالى الأمور وأشرافها، وتنأى بالمرء عن مُحَقَّرات الأعمال وسَفسافها.

والمعرفة بالملائكة تدعو إلى التشبه بهم والتعاون معهم على الحق والخير؛ كما تدعو إلى الوعى الكامل واليقظة التّامّة؛ فلا يصدر من الإنسان إلا ما هو حسن، ولا يتصرف إلا لغاية كريمة.

والمعرفة بالكتب الإلهية إنما هى عرفان بالمنهج الرشيد الذى رسمه الله للإنسان كى يصلَ بالسير عليه إلى كماله المادى والأدبى.


(١) سورة الشورى - الآية ١٣.
(٢) سورة المائدة - الآية ٤٨.

<<  <   >  >>