والمعرفة بالرسل إنما يقصد بها ترسم خطاهم، والتخلق بأخلاقهم، والتأسى بهم، باعتبار أنهم يمثلون القيم الصالحة، والحياة النظيفة التى أرادها الله للناس.
والمعرفة باليوم الآخر هى أقوى باعث على فعل الخير، وترك الشر.
والمعرفة بالقدر تزود المرء بقوى وطاقات تتحدى كل العِقاب والصعاب، وتصغر دونها الأحداث الجسام.
وهكذا يبدو بجلاء أن العقيدة إنما يقصد بها تهذيب السلوك، وتزكية النفوس وتوجيهها نحو المثل الأعلى - فضلاً عن أنها حقائق ثابتة - وهى تعد من أعلى المعارف الإنسانية إن لم تكن أعلاها على الإطلاق.
وتهذيب سلوك الأفراد عن طريق غرس العقيدة الدينية هو أسلوب من أعظم الأساليب التربوية.
حيث إن للدين سلطانًا على القلوب والنفوس، وتأثيرًا على المشاعر والأحاسيس، ولا يكاد يدانيه فى سلطانه وتأثيره شىء آخر من الوسائل التى ابتكرها العلماء، والحكماء، ورجال التربية.
فغرس العقيدة فى النفوس، هو أمثل طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً فى الحياة، وتُسهم بنصيب كبير فى تزويدها بما هو أنفع وأرشد.
إذ أن هذا اللون من التربية يُضفى على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظللها بظلال المحبة والسلام.
ومتى سادت المحبة ارتفعت الخصومة، وانقطع النزاع، وحل الوفاق محل الشقاق، وتقارب الناس، وتآلفوا، وسعى الفرد لخير الجماعة، وحرصت الجماعة على إصلاح الفرد وإسعاده.