للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثَمّ تظهر الحكمة واضحة من جعل الإيمان عامًا خالدًا، وفى أن الله لم يُخْل جيلاً من الأجيال، ولا أمة من الأمم، من رسول يدعو إلى هذا الإيمان وتعميق جذور هذه العقيدة.

وكثيرًا ما كانت تأتى هذه الدعوة بعد فساد الضمير الإنسانى، وبعد أن تتحطم كل القيم العليا، ويظهر أن الإنسان أشد ما يكون حاجة إلى معجزة تعيده إلى فطرته السليمة؛ ليصلح لعمارة الأرض، وليقوى على حمل أمانة الحياة.

إن هذه العقيدة هى الروح لكل فرد، بها يحيا الحياة الطيبة، وبفقدها يموت الموت الروحى، وهى النور الذى إذا عمى عنه الإنسان، ضل فى مسارب الحياة، وتاه فى أودية الضلال.

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (١).

إن العقيدة مصدر العواطف النبيلة، ومغرس المشاعر الطيبة، ومنبت الأحاسيس الشريفة؛ فما من فضيلة إلا تصدر عنها، ولا صالحة إلا ترد إليها.

والقرآن الكريم حينما يتحدث عن الصالحات، إنما يذكر العقيدة فى طليعة أعمال البر كأصلٍ تتفرع عنه، وكأساس تقوم عليه، يقول الله سبحانه:

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ


(١) سورة الأنعام - الآية ١٢٢.

<<  <   >  >>