للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم تجرأوا على كتاب الله، فحرفوه ليخفوا ما فيه من الحق، ونسوا قدرًا مما ذكرهم الله به فى التوراة؛ فالذى عندهم من التوراة الصحيحة، هو بعضها فقط.

{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (١).

وأول دليل على صحة نقد القرآن للتوراة المتداولة، وأنها ليست كلها هى توراة موسى عليه السلام، التى جعلها الله نورًا وهدى، ما جاء فى التوراة من وصف الله بما لا يليق بجلاله وكماله، ففى سفر التكوين (٣: ٢٢): " وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفًا بالخير والشر " .. وفيه (٦: ٦): " فحزن الرب أنه عمل الإنسان وتأسف فى قلبه ".

فهل يعقل أن هذا من كلام الله؟! وهل يصح أن ينسب إليه الحزن والأسف على شىء عمله؟!

وكذلك ما جاء فيها مما يمس شرف الأنبياء، ويتنافى مع ما لهم من عصمة ومكانة رفيعة، وخُلُق متين، فقالوا عن إبراهيم عليه السلام أنه كذاب، وأن لوطًا عليه السلام زنا بابنته، وهارون عليه السلام دعا الإسرائيليين إلى عبادة العجل، وداود عليه السلام زنا بزوجة أوريا، وسليمان عليه السلام عبد الأصنام إرضاء لزوجته.

فهل ثمة دليل على التحريف أقوى من هذا؟! لقد اضطر النقاد من مصلحى اليهود أنفسهم إلى الاعتراف بهذه الحقيقة، وأن التوراة قد حرِّفت، وقد أورد مذهبهم (حاخام باريز أجوليان ويل) فى كتابه (اليهودية).


(١) سورة النساء - الآية ٤٦.

<<  <   >  >>