للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* يوسف عليه السلام:

والله يقول فى يوسف عليه السلام:

{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} (١).

وليس فى هذا ما يدل أدنى دلالة على أن يوسف هَمَّ بالفاحشة، لأن المقصود بالهَمّ هنا الهَمّ بالضرب والأذى .. وذلك أن امرأة العزيز راودته عن نفسه، فغلقت الأبواب، ودعته إلى نفسها، فاستعصم، وأبى، وقال:

{مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (٢).

وإزاء هذا الاستعصام والتأبى والترفع عن التسفل، همت امرأة العزيز بضربه وإلحاق الأذى به، بعد أن عجزت عن إغرائه بكل وسيلة، فهَمّ هو بأن يعاملها بالمثل دفاعًا عن نفسه، لولا أن رأى أن ذلك لا يليق بأمثاله من أصحاب النفوس الكبيرة، ولاسيما أن هذا البيت أواه، وأكرمه؛ فضلاً عن أنها سيدته التى تبنته، وأنها زوجة رجل عظيم فى أمة عظيمة.

فلولا أن رأى ذلك كله، وهو صاحب شعور نبيل وعاطفة جياشة، لقابلها بالمثل، ولأذاها بالضرب المبرح.

ولكنه كذلك لا يرضى بالاستكانة، ويقف ذليلاً يتلقى الضربات من امرأة أصابها جنون الشهوة الحيوانية - وهو من هو - فآثر أن يفر منها تفاديًا من الحرج الذى تعرض له، ولكنها أبت إلا أن تتابعه لتثأر لنفسها منه.

{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (٣).


(١) سورة يوسف - الآية ٢٤.
(٢) سورة يوسف - الآية ٢٣.
(٣) سورة يوسف - الآية ٢٥.

<<  <   >  >>