للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الله - سبحانه وتعالى -:

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ} (١).

ففى هذه الآية إخبار عن خروج دابة تكلم الناس حينما يأتى أمر الله، كمقدمة من مقدمات الساعة، وحينما لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت فى إيمانها خيرًا.

ولا ينبغى أن يبحث عما وراء ذلك من الغرائب التى قيلت فى وصف هذه الدابة: من أن طولها ستون ذراعًا بذراع آدم، وأن لها وجه إنسان، ورأس ثور، وعين خنزير، وأذن فيل، وأنه لا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، وأنها تحمل عصا موسى، وخاتم سليمان، فذلك لم يصح منه شىء.

قال الإمام الرازى: " واعلم أنه لا دلالة فى الكتاب على شىء من هذه الأمور، فإن صح الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل، وإلا لم يلتفت إليه ".

إن خروج الدابة غيب من الغيوب، فيجب علينا الوقوف عند ما أخبر به القرآن الكريم والسنة الصحيحة، ولم يأت فيهما سوى أن دابة ستخرج، وتكلم الناس، وذلك من أمارات الساعة.

وقد ذكر فى السورة نفسها، أن موسى عليه السلام ألقى عصاه بأمر الله، فإذا هى تهتز كأنها جان، وأن سليمان عرف لغة الطير، وسمع النملة وهى تدعو جماعتها لتدخل مساكنها، مخافة أن يحطمها سليمان هو وجنوده وهم لا يشعرون، وأن سليمان تبسم ضاحكًا من قولها.


(١) سورة النمل - الآية ٨٢.

<<  <   >  >>