للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى *الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى *ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى} (١).

وأهل النار محجوبون عن الله، وهذا هو أشد أنواع العذاب.

{كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (٢).

وفى الآية الكريمة يقول الله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} (٣).

ففى هذه الآية، أن النار كلما أكلت جلودهم بدلهم الله جلودًا غيرها، والسبب فى ذلك أن أعصاب الألم هى الطبقة الجلدية، أما الأنسجة والعضلات والأعضاء الداخلية، فالإحساس فيها ضعيف، ولذلك يعلم الطبيب أن الحرق البسيط الذى لا يتجاوز الجلد يحدث ألمًا شديدًا، بخلاف الحرق الشديد الذى يتجاوز الجلد إلى الأنسجة، لأنه - مع شدته وخطره - لا يحدث ألمًا كبيرًا.

فالله تعالى يقول لنا: إن النار كلما أكلت الجلد الذى فيه الأعصاب، يجدده كى يستمر الألم بلا انقطاع، ويذوقوا العذاب الأليم، وهنا تظهر حكمة الله قبل أن يعرفها الإنسان (٤)، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً}.

ومن شدة الهول، وقسوة العذاب، يود المجرم أن يفدى نفسه بكل حبيب لديه وعزيز عليه، ولكن لا ينفع فداء، ولا يقبل رجاء.

{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ *وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ *وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ *وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ *كَلاَّ} (٥).


(١) سورة الأعلى - الآية ١١ - ١٣.
(٢) سورة المطففين - الآية ١٥.
(٣) سورة النساء - الآية ٥٦.
(٤) انظر: كتاب الطب والإسلام للدكتور/ عبد العزيز إسماعيل.
(٥) سورة المعارج - الآية ١١ - ١٥.

<<  <   >  >>