وهو أن لهذا الكون خالقًا ومدبرًا، وهذا هو مقتضى العقل والمنطق السليم الذى دعا (سقراط) إلى الإيمان بالله، وإفحام (أريستوديم) الذى ينكر الألوهية فى المحاورة التى نذكرها فيما يلى:
سقراط: أيوجد رجال تعجب بمهارتهم وجمال صنائعهم؟
أريستوديم: نعم أعجب فى الشعر القصصى بـ (هومير)، وفى التصوير بـ (زوكيس)، وفى صناعة التماثيل بـ (بوليكتيت).
سقراط: أى الصناع أولى بالإعجاب، الذى يخلق صورًا بلا عقل ولا حراك، أم الذى يبدع كائنات ذات عقل وحياة؟
أريستوديم: طبعًا الذى يبدع الكائنات المتمتعة بالعقل والحياة، إذا لم تكن من نتائج الاتفاق.
سقراط: وهل يمكن أن يكون من الاتفاق أن تُعطَى الأعضاء لمقاصد وغايات خاصة، عين ترى، وأذن تسمع، وأنف يشم، ولسان يتذوق؛ والعين تحاط بحراسة لحساسيتها وضعفها، فتقفل عند النوم، أو عند الحاجة، وتحرس بالرموش والحواجب؛ ويجعل للأذن جهاز خارجى يجمع لها الصوت .. وهل يمكن أن يكون كل ذلك من نتائج الاتفاق؟ والميل المودع فى النفوس للتناسل، والحنان المخلوق فى قلوب الأمهات بالنسبة للأولاد - مع ندرة أن ينفع ولد أباه أو أمه -، والطفل الذى يلهم الرضاعة بمجرد ولادته .. هل يمكن أن يكون ذلك كله من نتائج الاتفاق؟