وإذا وقع بعد الميم الساكنة حرف من حروف الهجاء عدا «الباء والميم» كان حكمها الإظهار، بمعنى أنه ينطق بها بدون إدغام، ولا إخفاء، ويسمى هذا الإظهار إظهارا شفويا، نحو قوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ (سورة التوبة الآية ١٢٨).
ثم حذّر المؤلف قارئ القرآن من إخفاء الميم الساكنة إذا وقع بعدها:
«الواو، أو الفاء» نحو قوله تعالى:
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (سورة البقرة الآية ٨٢). وقوله تعالى: وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة البقرة الآية ٦٢). وذلك لأن «الميم، والواو» تخرج من الشفتين، «والفاء» تخرج من بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا.
كما أن «الميم» تشترك مع «النون» في الصفات الآتية:
الجهر- والتوسط- والاستفال- والانفتاح- والإذلاق.
و «الميم» تشترك مع «الفاء» في الصفات الآتية:
الاستفال- والانفتاح.
وهذه كلها أمور مرشحة للإخفاء، لذلك نبّه المؤلف القارئ إلى عدم إخفاء الميم مع هذين الحرفين.
قال ابن الجزري:
وأوّلي مثل وجنس إن سكن ... أدغم كقل ربّ وبل لا وأبن
سبّحه فاصفح عنهم قالوا وهم ... في يوم لا تزغ قلوب قل نعم
والمتجانسان: هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجا، واختلفا صفة. فإذا كان الحرف الأوّل ساكنا، والثاني متحركا، سمّيا متجانسين صغير. وحكمه الإظهار نحو قوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (سورة الطور الآية ٤٩).