الأخرى. لأن الأصل تاءان: تاء المضارعة، وتاء «التفعّل» أو «التفاعل» وليست كما قيل من نفس الكلمة، واستثقل اجتماع المثلين، وتعذّر إدغام الثانية في تاليها، نزّل اتصال الأولى بسابقها منزلة اتصالها بكلمتها، فأدغمت في الثانية تخفيفا، مراعاة للأصل، ورسم المصحف.
واعلم أن هذا الإدغام على ثلاثة أحوال:
الأولى: يكون قبل التاء المدغمة متحرك من كلمة نحو قوله تعالى:
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (سورة الأنعام آية ١٥٣) أو يكون المتحرك من كلمتين، نحو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (سورة النساء آية ٩٧) فهذه الحالة لا كلام فيها سوى أن «البزّي» يشدد التاء.
والثانية: يكون قبل التاء المشدّدة حرف مدّ، سواء كان ألفا نحو قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ (سورة البقرة آية ٢٦٧) أو كان حرف مدّ ناشئا عن الصلة نحو قوله تعالى: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (سورة عبس آية ١٠) ففي هذه الحالة يكون لحرف المدّ الإثبات لفظا مع مدّه مدّا مشبعا للساكن الذي بعده، لأنه حينئذ من باب المدّ اللازم.
والثالثة: يكون قبل التاء المشدّدة ساكن غير حرف مدّ، سواء كان ساكنا صحيحا، نحو قوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (سورة النور آية ١٥) أو كان الساكن تنوينا، نحو قوله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ (سورة القدر الآيتان ٣ - ٤) ففي هذه الحالة يجمع بين الساكنين، إذ الجمع بينهما في ذلك جائز لصحّة الرواية، ولا يلتفت لمن قال بعدم جواز الجمع بين الساكنين.
وإذا ابتدأ «البزّي» بالتاء المشددة ابتدأ بتاء واحدة مخففة، وذلك موافقة للرسم، وصحة الرواية بذلك.
والوجه الثاني «للبزّي» يكون بتاء واحدة مخففة، وذلك على حذف إحدى التاءين تخفيفا.
وقرأ «أبو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (سورة الصافات آية ٢٥) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة.