للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولاء والبراء:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ١. فسرها الأستاذ محمد سيد طنطاوي وقال: "والخطاب في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} للمؤمنين جميعا في كل زمان ومكان, إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب, والأولياء جمع ولي, ويطلق بمعنى النصير والصديق والحبيب. والمراد بالولاية هنا: مصافاة أعداء الإسلام والاستنصار بهم والتحالف معهم دون المسلمين, أي: يا أيها الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ... لا يتخذ أحد منكم أحدا من اليهود والنصارى وليا ولا نصيرا أي: لا تصافوهم مصافاة الأحباب ولا تستنصروا بهم, فإنهم جميعا يد واحدة عليكم، يبغونكم الغوائل ويتربصون بكم الدوائر. فكيف يتوهم بينكم وبينهم موالاة؟ "٢.

وأما المراد بالذين آمنوا من قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ٣, فقال في بيانه: "وما ورد من آثار تفيد أن المراد بالذين آمنوا شخص معين وهو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لا يعتمد عليها؛ لأنها كما يقول ابن كثير: "لم يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها"، وقد توسع الإمام الرازي في الرد على الشيعة الذين وضعوا هذه الآثار, فارجع إليه إن شئت"٤.

وأكد الدكتور طنطاوي هذه المعاني عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ


١ سورة المائدة: الآية ٥١.
٢ تفسير سورة المائدة: الدكتور محمد سيد طنطاوي ص٢٤٩.
٣ سورة المائدة: الآية ٥٥.
٤ تفسير سورة المائدة: الدكتور محمد سيد طنطاوي ص٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>