للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجة، بل إن هذا اللفظ جاء في موضعين آخرين من القرآن الكريم نفسه بمعنى يشمل "الزوجة" في داخله إن لم تكن مقدمة فيه على غيرها، فقد جاء في سورة هود حين بشرت الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بولده إسحاق وتعجبت زوجته حين سمعت ذلك وقالت: {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} فردت عليها الملائكة: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [آيات ٧٢ و٧٣] ، وجاء في سورة القصص حين وصل موسى -عليه السلام- إلى بيت فرعون وهو رضيع وكانت امرأة فرعون تبحث عن مرضعة لترضع موسى فقالت أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} [آية: ١٢] فاستخدام أهل اللغة إذن واستخدام القرآن نفسه لهذا اللفظ وسياق الآية ذاتها, كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن زوجات النبي المطهرات يدخلن كذلك في أهل بيته صلى الله عليه وسلم, كما يدخل أولاده. بل الأصح أن الخطاب في الآية إليهن أصلا أما أولاده فيدخلون فيه ضمنا وعلى هذا الأساس قال ابن عباس وعروة بن الزبير وعكرمة: إن المراد بأهل البيت في هذه الآية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم١.

ثم قال: "وهناك فرقة لم تكتف في تفسير هذه الآية بارتكاب ظلم إخراج نساء النبي من زمرة أهل البيت وقصر اللفظ على سيدنا علي وفاطمة وأولادهما، بل بلغت في الظلم والعسف قدرا أكبر وأعظم, إذ استنتجت من قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ٢، أن عليا وفاطمة وأولادهما -رضي الله عنهم- معصومون كعصمة الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام, فهم يقولون: إن المراد بالرجس الخطأ والذنب وقد طهر أهل البيت منه بنص هذه الآية غير أن لفظ الآية لا يقول: إن الله قد أذهب عنكم الرجس وطهركم تماما، بل إن الله يريد إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم وسياق الآية وما يتصل بها من قبل ومن بعد لا يفصح عن أن المقصود هنا ذكر


١ تفسير سورة الأحزاب: أبو الأعلى المودودي, ترجمة أحمد إدريس ص٦٦-٦٧.
٢ سورة الأحزاب: الآية ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>