للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقب أهل البيت إنما الموضوع هنا هو نصح أهل البيت أن افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا؛ لأن الله يريد أن يطهركم. وبألفاظ أخر يعني أنكم إذا اخترتم كذا وكذا من السلوك فسوف تنالكم نعمة الطهر والنظافة وإلا فلا. ذلكم أننا لو فهمنا من قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} أنه قد عصمهم فليس هناك ما يمنعنا من التسليم بأن كل المسلمين المتوضئين والمغتسلين والمتيممين معصومون كذلك؛ لأن الله تعالى قال فيهم: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٦] "١.

وقد بين المراد بأهل البيت وبالتطهير في الآية السابقة -آية الأحزاب- الدكتور مصطفى زيد فقال في المراد بأهل البيت: "إن نساء النبي هن سبب نزول هذه الآيات، فدخولهن في أهل البيت موضع اتفاق بين جميع المفسرين إما وحدهن على قول، وإما مع غيرهن على قول آخر هو الصحيح"٢، ثم ذهب يستدل لما رجحه من القولين وأورد بعد هذا ما زعمه ابن المطهر الحلي من الشيعة بقوله: "وفي هذه الآية دلالة على العصمة مع التأكيد بلفظ "إنما" وإدخال اللام في الخبر والاختصاص في الخطاب بقوله: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، وغيرهم ليس بمعصوم ... إلخ"، وعلق الدكتور مصطفى زيد على هذا الزعم بأنه لا اعتبار له وساق بعد هذا نصا لابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه: منهاج السنة في الرد على ما زعمه ابن المطهر وهو طويل, لكن فيه البيان كل البيان فليرجع إليه من شاء، وقد عقب الدكتور مصطفى عليه بقوله: "وقد آثرنا أن ننقل عن ابن تيمية هذا النص كاملا بالرغم من طوله؛ لأن مسألة الاستدلال بالآية على الإمامة والعصمة مسألة بالغة الخطر، فإن فيها تحميلا للآية ما لا تحتمله بحال ولا تدل عليه من قريب ولا بعيد, وفيها فوق هذا خروج على مبدأ مقرر ينبغي ألا يكون موضع رأي، وألا يكون محلا لاجتهاد قد يخطئ وقد يصيب, وهذا المبدأ هو الوقوف بالآيات عند ما تدل عليه، دون تكلف ولا انحراف بها عما أنزلت لتقرره, وأنه إذا كان فريق من المفسرين يقصر ما تدل عليه الآية على سبب


١ تفسير سورة الأحزاب: أبو الأعلى المودودي ص٦٨-٦٩.
٢ سورة الأحزاب: عرض وتفسير الدكتور مصطفى زيد ص١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>