للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزولها، فلا أقل من أن يعتبر سبب النزول داخلا دخولا أوليا فيما تدل الآية عليه وهو ما يقرره ويؤكده جمهور المفسرين الذين يرون العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أما أن يهمل سبب النزول ولا تعتبر الآية دالة عليه مما يوحي بأن له حكما آخر غير الحكم الذي تقرره الآية, فهذا مما يستنكره المفسرون بجملتهم ولا يفترقون في الحكم عليه.

لا تدل الآية إذن على حصر أهل البيت في علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين, فإن سياقها صريح في النص على دخول نساء النبي فيهم. ومن ثم تقرر بحق أن الآية لم تتعرض للإمامة من قريب أو بعيد.

كذلك لا تدل الآية على عصمة أهل بيت الرسول من الخطأ، وإلا ففيم كان دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم بعد نزول الآية؟ وفيم كانت الأوامر والنواهي التي وجهت في الآيات إلى نساء النبي وهن من أهل البيت؟ وفيم كان الوعيد لهن بمضاعفة العذاب ثم الوعد بالأجر المضاعف، حين يأتين بفاحشة وحين يقنتن؟ وأخيرا، فيم كان تذكيرهن بما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة؟ وما السر في أن هذا التذكير لم يجئ في الآيات إلا بعد تقرير أن الله يريد لهن أن يذهب الرجس عنهن، وأن يطهرهن تطهيرا؟ "١.

أما الشيخ الغزالي خليل عيد٢ -رحمه الله تعالى- فقد بين المراد بأهل البيت عند تفسير الآية بقوله: "وقد اختلف في أهل البيت فقيل: هم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، وقيل, وهو الأولى: هم كل من يكون من إلزام النبي صلى الله عليه وسلم من


١ سورة الأحزاب: عرض وتفسير الدكتور مصطفى زيد ص١١٤-١١٥.
٢ ولد شيخنا الغزالي خليل عيد سنة ١٩١١م وتخرج في كلية أصول الدين بالأزهر سنة ١٩٣٩م ودرس في المعاهد الدينية, ثم صار شيخا لمعهد بني سويف سنة ١٩٦٩م، ثم عمل مدرسا في كلية الشريعة بالرياض ثم في كلية أصول الدين بها إلى أن توفي -رحمه الله تعالى- أواخر سنة ١٤٠٢، ومن مؤلفاته: تفسير لأربع عشرة سورة من المفصل، الضياء في أحكام الضعفاء الثلاثة من سورة النساء، تفسير سورة الأحزاب، تفسير سورة الأنفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>