للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس من شأني تتبعه ولا الحديث عنه إلا بقدر ما له من علاقة بموضع حديثنا هنا.

وقد اطلعت على مقال كتبه الأستاذ محمد فريد وجدي عن الإلحاد في العصر الحديث وقد جاء هذا في مقال عنونه بـ "مذهب القرآن في المتشابهات" أوجز فيه تاريخ الإلحاد المعاصر، وحديثه هذا حديث العارف المطلع. ولذا أقتصر عليه هنا، قال وهو يتحدث عن النهضة العلمية الحديثة: "في تلك الأثناء ولد العلم الحديث وما زال يجاهد القوى التي كانت تساوره حتى تغلب عليها، فدالت الدولة إليه في الأرض فنظر نظرة في الأديان وسرى عليها أسلوبه١.

فقذف بها جملة إلى عالم الميثولوجيا٢ ثم أخذ يبحث في اشتقاق أصولها بعضها من بعض واتصال أساطيرها بعضها ببعض، فجعل من ذلك مجموعة تقرأ لا لتقدس تقديسا، ولكن ليعرف الباحثون منها الصور الذهنية التي كان يستعبد الإنسان لها نفسه ويقف على صيانتها جهوده غير مدخر في سبيلها روحه وماله.

وقد اتصل الشرق الإسلامي بالغرب منذ أكثر من مائة سنة، فأخذ يرتشف من مناهله العلمية ويقتبس من مدينته المادية، وقف فيما وقف عليه على هذه الميثولوجيا ووجد دينه ماثلا فيها، فلم ينبس بكلمة؛ لأنه يرى الأمر أكبر من أن يحاوله، ولكنه استبطن الإلحاد وتمسك به متيقنا أنه مصير إخوانه كافة متى وصلوا إلى درجته العلمية.

وقد نبغ في البلاد الإسلامية كتاب وشعراء وقفوا على هذه البحوث العلمية فسحرتهم، فأخذوا يهيئون الأذهان لقبولها دسا في مقالاتهم وقصائدهم غير مصارحين بها غير أمثالهم تفاديا من أن يقاطعوا أو ينفوا من الأرض"٣.

ذلكم ما صرح به الأستاذ محمد فريد وجدي وهو اعتراف خطير يلقي على


١ أي التجربة.
٢ أي علم الأساطير.
٣ جريدة الأهرام المصرية ٣٠/ ٨/ ١٩٣٣م، ص٣ مقال "مذهب القرآن في المتشابهات" للأستاذ محمد فريد وجدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>