عاتق العلماء المسلمين خاصة والمثقفين عامة وجوب تمحيص مقالات وقصائد كتاب وشعراء تلك الفترة، والحذر كل الحذر من الانخداع ببريق شهرة أو انتشار صيت أو كثرة أتباع.
ولا يخفى أن كل كلمة -كدت أقول كل حرف- من كلمات الأستاذ وجدي المنقولة آنفا بحاجة إلى تعليق وتعليق واستجلاء لمدلولاتها وكشف لمعانيها ولكن هذا ليس من شأني هنا وحسبي منه أنه يعطي صورة صادقة لنشأة الإلحاد في العصر الحديث، خاصة أنه من شخص مجرب خبير.
وقد عانى العالم الإسلامي في تلك الفترة وما زال يعاني من مستبطني الإلحاد الذين ينشرون إلحادهم على الملأ باسم البحث العلمي والحرية العلمية.
وظاهرة هي التي تحز في نفس المسلم أكثر من سابقها تلكم أنه ما اعتدى أحد من المنتسبين إلى الإسلام على الإسلام إلا وتبوأ بعد فترة قصيرة منصبا كبيرا في الدولة، وكأنه مكافأة له على إلحاده مهما علت الصيحات ضده والانتقادات والاعتراضات ضد أفكاره وآرائه، لكن هذه الصيحات لا تلبث أن تهدأ وتسكن، يعقبها تولي هذا الملحد ذلكم المنصب، وكأني ألمح هناك يدًا تدفعه إلى الإلحاد ويدًا أخرى تدفع له الثمن وأيد أخرى تدافع عنه وتقاتل.
لست أزعم أني الوحيد الذي أدرك هذه الظاهرة ولكني الأخير فقد صرح بها كثير وتعدد مدركوها، فقد كتب توفيق الحكيم مرة عن حادثة لأحد هؤلاء الملحدين فقال: "وليست هذه الحركة هي الأولى من نوعها في مصر فقد سبق أن ألف الأستاذ علي عبد الرازق وزير الأوقاف الحالي كتابا عن الإسلام وأصول الحكم، فقامت قيامة الأزهر واحتجت هيئة كبار العلماء وفصلته واستقال الوزراء الأحرار الدستوريون من وزارة زيور باشا؛ احتجاجا على الفصل وأقيل وزير العدل عن منصبه وكان عبد العزيز فهمي باشا بهذا السبب.
وحدث مرة أخرى أن ألف الدكتور طه حسين كتابا عن الشعر الجاهلي شك في بعض المعتقدات فقامت قيامة البرلمان وأراد مجلس النواب إخراجه