للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جذوره بأن تستصدر قانونا ينص دفعة واحدة على تحريم تعدد الزوجات"١.

وإني لمتيقن أن انحراف هذا التفسير وإلحاده لا يخفى على ذي أدنى معرفة وأدنى لبٍّ، وأن صاحبه لن ينال من قراءه إلا الهزء والسخرية حتى أولئك الذين يؤيدون فكرته لا أظنهم إلا ويقطعون بفساد تأويله.

وأمر تعدد الزوجات وإباحته أمر معلوم من الشريعة كدت أقول بالضرورة فلا حاجة بنا إلى تقرير ذلك وإن كان لنا من حاجة فهي أن نكشف مغالطة الرجل في استدلاله بالآية فهو كاستدلال من يستدل بقوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاة} ويدع {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ولو أحسن الاستدلال وأحسن القصد وطلب الحقيقة لأكمل عبد العزيز فهمي -هذا- الآية التي استدل بها فأوردها كاملة هكذا: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ٢. فقوله سبحانه: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} وقوله: {وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا} وقوله: {غَفُورًا رَحِيمًا} كلها تبين المراد بالعدل والواجب منه بيانا لا يريده أو لا يريد أن يفهمه كذلك الأستاذ عبد العزيز فهمي باشا، ولهذا بتر الآية.

أما زعمه أن النحاة قد قرروا أن النفي بلن يفيد التأبيد فهو افتراء على النحاة وليس بمستغرب ممن يفترى على القرآن أن يفتري على النحاة، فلم يقل النحاة أن النفي بـ "لن" نفيٌ باتٌّ إلا الزمخشري قال ذلك ليؤبد النفي في قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} ٣ حتى يستدل بها على إنكار رؤية الله تعالى التي لا يؤمن بها المعتزلة، وأما النحاة سواه فهم على ضد ذلك فقد قال ابن مالك:

ومن رأى النفي بلن مؤبدا ... فقوله أرددْ وسواه فاعضدا٤


١ عن: على مائدة القرآن: أحمد محمد جمال، ص٢٠٨ ومجلة الكويت العدد ٨ رجب ١٤٠١هـ، ص١١٠ عن مجلة المجتمع الجديد.
٢ سورة النساء: الآية ١٢٩.
٣ سورة الأعراف: من الآية ١٤٣.
٤ الكافية الشافية: لابن مالك ج٣ ص١٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>