للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما نرى لزوم ذكره ردا على التأويل الباطل للشيخ عبد العزيز فهمي باشا، وفيما ذكرته الكفاية إن شاء الله أو بعضها.

وهذا الشيخ عبد العزيز بن خلف آل خلف، فسر سورة الزلزلة بتفسير لم يقل به أحد من قبله فقال مثلا في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} ١: "اتفق المفسرون على أن الأرض تتحدث بما عمل عليها يوم القيامة، فتشهد على كل أحد بعمله الذي عمله على ظهرها من خير وشر؛ أما في الدنيا فقد تحدثت أيضا بما يعمله أهلها على ظهرها من خير أو شر في كل بقعة على وجه الأرض، ونحن نسمع هذا في كل ساعة ولحظة، فهذه أخبار أمريكا، لندن، مكة، كذا كذا. فتلك حالة مصغرة من تحدثها يوم القيامة إنها لمعجزة من المعجزات الباهرة وقعت ملموسة مطابقة لمحسوس لفظا ومعنى وهو الراديو ومحطاته البرقية وما في معنى ذلك من التليفون وأمثاله كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِه} ٢ فذلك يصدق على واقع ملموس من إذاعات العالم وهذه الجملة تعتبر معجزة مستقلة. فالآية الكريمة -يقصد آية الزلزلة- والخبر الكريم يصدقان على حدوث هذا في الدنيا كما يصدقان على حدوثه في الآخرة؛ لأن الآية والخبر لم يحددا بلفظ صريح أنه في الدنيا فقط ولا أنه في الآخرة فقط، والجملة الأخيرة من كلام الله يعني: {وَإِذَا جَاءَهُمْ} الآية تنص على أن ذلك في الدنيا فقط فنحن الآن قد ظهرت لنا معجزة في الدنيا لا تتنافى مع وقوع ذلك في الآخرة وحدثت لأرضنا التي لم تتبدل ليوم القيامة كما قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} ٣.

فأرض الدنيا قد تحدثت فكيف بأرض الآخرة ونعلم علم اليقين بتحدثها في الآخرة ونلمس عين اليقين بتحدثها في الدنيا، فلا منافاة ولا تناقض أنطقها في الدنيا الذي أنطق كل شيء، وأذاع القوم إذاعة صحيحة صريحة مع أن الراديو


١ سورة الزلزلة: الآيتين ٤، ٥.
٢ سورة النساء: من الآية ٨٣.
٣ سورة إبراهيم: من الآية ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>