للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل تحت عموم قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} ١؛ لأنها فتنة معنوية بلا إشكال وقد حصلت به البلوى للسواد الأعظم ولم يكن خاصا بل كان عاما ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه".

إلى أن قال في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} التي تتحدث عن عرض الأعمال يوم القيامة فقال المؤلف عنها:

"فقوله تعالى: {يَصْدُرُ النَّاسُ} يعني يذهب الناس أشتاتا إلى أعمالهم بجد واجتهاد ونشاط يطلبون فيه مقاصد ومشارب متباينة من الأعمال الدنيوية التي لا حد لها، وهذا يعتبر في أرض العرب بلا إشكال أنه من حوادث آخر الزمان حيث كانت أرض العرب مسرحا للبادية الرحل والمواشي من جميع الأصناف حياتهم بحياة البهائم غالبا وموتهم جوعا بموت البهائم وأن هذا الانقلاب الذي وعد الله به لكبير وعظيم وقعه ونتائجه، فبعد ما ذكر الله الزلزلة، وإخراج الأرض كنوزها، وتحدث الأرض من أطرافها، فإن الناس في ذلك الوقت يصدرون أشتاتا في كل صباح ومساء لأعمالهم وأرزاقهم كما تصدر المواشي لأرزاقها فيما ترون في وقت نزول القرآن، ليُرَوْا "بالضم" يريهم أهل الأعمال أعمالهم "وبالفتح" ليَرَوه بأعينهم أي ليروا عملهم ونتائجه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عن الله شر. انتهى، فهذا من التأويل الديني ولكنه أيضا هو في الدنيا ولا منافاة بين الجميع ولا مانع والحالة هذه من الاستنباط من كنوز القرآن والسنة وعدم التقيد بتفسير واحد أو تأويل واحد أو تقيده بأمور الدنيا أو أمور الآخرة ما لم يقيده نص صادق ثابت.

وهنا استنباط يمكن أن يقال له حق في ذلك وهو قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ


١ سورة الأنفال: الآية ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>