للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعة العدوية قارئا يتلو قوله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ، وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} ١ فقالت: نحن إذن صغار حتى نفرح بالفاكهة والطير وسمع الشبلي قوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} ٢؛ فصاح صيحة عظيمة، وقال: "فأين الذين يريدون الله تعالى؟ ".

إلى أن قال -العقاد- فوصف الحقائق بالمحسوسات -كما رأينا- تعبير يفهمه الخواص الذين يرتفعون بالفهم وبمطالب النفس الباقية عن مطالب الجهلاء؛ ولكن هل التعبير بالمعاني المجردة والحقائق المثالية مفهوم عند هؤلاء الجهلاء؟ "٣.

ثم ذكر أن الجهلاء هم أحوج الناس إلى الإيمان بالحساب ووصفهم بأنهم لا يعتقدون إلا بما يحسون ويفقهون، وأنه لا معدي إذن من إحدى صورتين للعقائد، أما أن تساق بأسلوب يحقق الحكمة من العقيدة عند جميع الناس خاصة وعامة، ولا بد فيه من العبير عن المعاني بالمحسوسات، وأما أسلوب يترك الخاصة لأنفسهم وينفي العامة عن حظيرة الاعتقاد وهو لا يحقق الحكمة من العقيدة بحال.

ثم قال: "في ذلك الأسلوب لا خسارة على أحد من الخاصة أو العامة، وفي هذا الأسلوب لا فائدة للخاصة ولا للعامة لأن الخاصة متروكون لأنفسهم يفهمون ما يفهمون بمعزل عن الوحي والرسالة، ولأن العامة محجوبون عن الوحي والرسالة بكل حجاب"٤.

تلكم خلاصة ما قاله الأستاذ عباس محمود العقاد ولنا معه أيضا وقفات:

الأولى: أنه استدل برأي الفلاسفة ومفاهيم الصوفية، ومن المعلوم أن العقائد لا تؤخذ من هؤلاء ولا من هؤلاء وإنما من الكتاب والسنة.


١ سورة الواقعة: الآيتين ٢٠-٢١.
٢ سورة آل عمران: من الآية ١٥٢.
٣ الفلسفة القرآنية: عباس العقاد ص١٨٥.
٤ الفلسفة القرآنية: عباس محمود العقاد، ص١٨٥-١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>