للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة الأمر أن الدكتور مصطفى يخالف هذه النظرية في جزئية شكلية -وأنا أقول شكلية ليس في ناحية العقيدة وإنما من ناحية النظرية نفسها -شكلية لأن داورين- حسب قول الدكتور مصطفى زعم أن عوامل التطور هي عوامل داخلية، وقال الدكتور أنها بيد هادية ترشدها١ وما عدا هذه الجزئية فلا اعتراض على هذه النظرية.

وبعد هذا العرض الطويل الذي أوردت خلاصته وصل الدكتور مصطفى إلى مرحلة إلصاق هذه النظرية بالقرآن الكريم، وهو يدرك أن العبارات والنصوص لا تطاوعه على ما أراد فمهد للأمر بأن قال: القرآن له أسلوبه المختلف عن كل الأساليب.

وهو حينما يشير إلى مسألة علمية لا يعرضها كما يعرضها أينشتين بالمعادلات ولا كما يعرضها بيولوجي برواية التفاصيل التشريحية؛ وإنما يقدمها بالإشارة والرمز والمجاز والاستعارة واللمحة الخاطفة والعبارة التي تومض في العقل كبرق خاطف. إنه يلقي بكلمة قد يفوت فهمها وتفسيرها على معاصريها؛ ولكنه يعلم أن التاريخ والمستقبل سوف يشرح هذه الكلمة ويثبتها تفصيلا"٢.

ولا شك أن مثل هذا يوحي بأن الدكتور قد عجز عن أن يجد كلمة صريحة أو عبارة واضحة أو دلالة بينة على ما ذهب إليه؛ فلم يجد بدا من أن يحمل ما فهمه على الإشارة والرمز والمجاز والاستعارة واللمحة الخاطفة وأي مانع لمن أراد أن يقول في القرآن ما يريد أن يقول أنه فهمه بهذه المصطلحات.

إن مثل هذه القضية في أهميتها لا تكفي مثل هذه الإشارات والرموز لإقامتها؛ هذا إن سلم له أن في الآيات رمزا وإشارة.

ولنر بعد هذا ما حسبه رموزا وإشارات، فقد قال في تفسير قوله تعالى:


١ المرجع السابق: ص٥٤.
٢ المرجع السابق: ص٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>