للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاسمي: "قال الشهاب: والظاهر أن قوله {وَنُنْشِئَكُمْ} المراد به إذا بدلناكم بغيركم، لا في الدار الآخرة كما توهم وهذا كقوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِين} ١، ٢.

تفسيره الباطني:

ومع أن الدكتور مصطفى يحذر من التفسير الباطني ويذمه ويذكر أمثلة من تفسير ميرزا حسين على الذي لقب نفسه بـ "بهاء الله"٣ إلا أنه مع هذا يفسر القرآن أحيانا تفسيرا باطنيا.

فقال مثلا في تفسير قوله تعالى مخاطبا نبيه موسى، عليه السلام: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} ٤، قال الدكتور: "ويقول الله لموسى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} ، فلا يمكن الوقوف في حضرة الله إلا بخلع النفس والجسد وخلع شواغل النفس وشواغل الجسد كشرط للوصول"؟! ٥.

وهو حين يقول هذا لا يجهل أنه تفسير باطني لبعض الصوفية؛ حيث كرر هذا التفسير في موضع آخر ودافع عنه فقال: "وفي هذا يفسر بعض المتصوفة كلام الله لموسى في القرآن: "فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" إن المقصود بالنعلين هما النفس والجسد هوى النفس وملذات الجسد فلا لقاء بالله إلا بعد أن يخلع الإنسان النعلين: نفسه وجسده بالموت أو بالزهد والله يصورهما كنعلين لأنهما القدمان اللتان تخوض بهما الروح في عالم المادة وعن طريقهما نزلت من سماواتها إلى الأرض.

وقد يعترض معترض قائلا: وما الضرورة لصرف اللفظين عن معناهما


١ سورة النساء: الآية ١٣٣.
٢ محاسن التأويل: تفسير القاسمي ج١٦ ص٥٦٥٥.
٣ القرآن محاولة لفهم عصري: ص١٥٤-١٥٦.
٤ سورة طه: الآية ١٢.
٥ القرآن محاولة لفهم عصري: ص١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>