للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا رجعة قبل يوم القيامة:

قال رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} ١: بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عاينوا الحقيقة يوم القيامة يقرون بأن الرسل جاءت بالحق ويتمنون أحد امرين: أن يشفع لهم شفعاء فينقذوهم، أو يردوا إلى الدنيا ليصدقوا الرسل ويعملوا بما يرضي الله, ولم يبين هنا هل يشفع لهم أحد؟ وهل يردون؟ وماذ يفعلون لو ردوا؟ وهل اعترافهم ذلك بصدق الرسل ينفعهم؟ ولكنه تعالى بين ذلك كله في مواضع أخر؛ فبين أنهم لا يشفع لهم أحد بقوله: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} ٢.. الآية، وقوله: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} ٣، وقوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ٤، مع قوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} ٥، وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} ٦. وبين أنهم لا يردون في مواضع متعددة كقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ، وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} ٧، فقوله: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} الآية, دليل على أن النار وجبت لهم فلا يردون ولا يعذرون، وقوله: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} ٨، فصرح بأنه قطع عذرهم في الدنيا بالإمهال مدة يتذكرون فيها


١ سورة الأعراف: من الآية ٥٣.
٢ سورة الشعراء: من الآية ١٠٠.
٣ سورة المدثر: الآية ٤٨.
٤ سورة الأنبياء: من الآية ٢٨.
٥ سورة الزمر: من الآية ٧.
٦ سورة التوبة: من الآية ٩٦.
٧ سورة السجدة: الآيتان ١٢-١٣.
٨ سورة فاطر: من الآية ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>