للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ, وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ١, فقال: "لما نهى عن ولاية الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم وذكر مآل توليهم أنه الخسران المبين, أخبر تعالى من يجب ويتعين توليه. وذكر فائدة ذلك ومصلحته فقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ، فولاية الله تدرك بالإيمان والتقوى فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا ومن كان لله وليا فهو ولي لرسوله، ومن تولى الله ورسوله كان تمام ذلك تولي من تولاه وهم المؤمنون الذين قاموا بالإيمان ظاهرا وباطنا وأخلصوا للمعبود بإقامتهم الصلاة بشروطها وفروضها ومكملاتها وأحسنوا للخلق وبذلوا الزكاة من أموالهم لمستحقيها منهم، وقوله: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} ، أي: خاضعون لله ذليلون, فأداة الحصر في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} تدل على أنه يجب قصر الولاية على المذكورين والتبري من ولاية غيرهم. ثم ذكر فائدة هذه الولاية فقال: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ، أي: فإنه من الحزب المضافين إلى الله إضافة عبودية وولاية وحزبه الغالبون الذين لهم العاقبة في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ، وهذه إشارة عظيمة لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده, أن له الغلبة وإن أديل عليه في بعض الأحيان لحكمة يريدها الله تعالى, فآخر أمره الغلبة والانتصار {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} "٢.

محبة الصحابة:

وفي تفسير قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} الآيات٣، تحدث -رحمه الله تعالى- عن المهاجرين ثم عن الأنصار ثم قال: "فهذان الصنفان الفاضلان الزكيان هم الصحابة الكرام والأئمة الأعلام الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب ما سبقوا به من بعدهم،


١ سورة المائدة: الآيتان ٥٥ و٥٦.
٢ تيسير الكريم الرحمن: عبد الرحمن السعدي ج٢ ص٣١٠-٣١١.
٣ سورة الحشر: الآيات ٨، و٩، و١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>