للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} ، ومن بنى حجة على الخرص والظن فهو مبطل خاسر, فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟

ومنها: أن الله تعالى أعطى كل مخلوق قدرة وإرادة يتمكن بها من فعل ما كلف به, فما أوجب الله على أحد ما لا يقدر على فعله ولا حرم على أحد ما لا يتمكن من تركه، فالاحتجاج -بعد هذا- بالقضاء والقدر ظلم محض وعناد صرف.

ومنها: أن الله تعالى لم يجبر العباد على أفعالهم بل جعل أفعالهم تبعا لاختيارهم, فإن شاءوا فعلوا وإن شاءوا كفوا. وهذا أمر مشاهد لا ينكره إلا من كابر, وأنكر المحسوسات فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية والحركة القسرية، وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله ومندرجا تحت إرادته.

ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك, فإنهم لا يمكنهم أن يطردوا ذلك، بل لو أساء اليهم مسيء بضرب أو أخذ مال أو نحو ذلك واحتج بالقضاء والقدر لما قبلوا منه هذا الاحتجاج ولغضبوا من ذلك أشد الغضب، فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه ولا يرضون من أحد أن يحتج به في مقابله مساخطهم؟!!.

ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر ليس مقصودا ويعلمون أنه ليس بحجة، وإنما المقصود منه دفع الحق، ويرون أن الحق بمنزلة الصائل منهم يدفعونه بكل ما يخطر ببالهم من الكلام المصيب عندهم والمخطئ١.

وقال -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٢: "وفي هذه الآية وأمثالها رد على فرقتي القدرية النفاة والقدرية المجبرة"٣.


١ تيسير الكريم الرحمن: عبد الرحمن السعدي ج٢ ص٤٩٥-٤٩٧.
٢ سورة التكوير: الآية ٢٩.
٣ تيسير الكريم الرحمن: عبد الرحمن السعدي ج٧ ص٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>