للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلامة القرآن من التحريف:

قال -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ١، أي: من كل من بغى له كيدا, فلا يزال نور ذكره يسري وبحر هداه يجري وظلال حقيته في علومه تمتد على الآفاق ودعائم أصوله الثابتة تطاول السبع الطباق رغما عن كيد الكائدين, وإفساد المفسدين: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} . وفي إيراد الجملة الثانية اسمية دلالة على دوام الحفظ٢. وقال في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} ٣، قال: "أي: منيع محمي عن التغيير والتبديل, وعن محاكاته بنظير"٤.

الإمامة والعصمة:

رد -رحمه الله تعالى- ما يستدل به المعتزلة والشيعة في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ٥, فقال: "وقد استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن الظالم ليس بأهل للإمامة والكشاف أوسع المقال في ذلك هنا، وأبدع في إيراد الشواهد، كما أن الشيعة استدلت بها على صحة قولهم في وجوب العصمة في الأئمة ظاهرا وباطنا على ما نقله الرازي عنهم وحاورهم, أقول: إن استدلال الفرقتين على مدعاهما وقوف مع عموم اللفظ إلا أن الآية الكريمة بمعزل عن إرادة خلافة السلطنة والملك. المراد بالعهد تلك الإمامة المسئول عنها، وهل كانت إلا الإمامة في الدين وهي النبوة التي حرمها الظالمون من ذريته؟ كما قال تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ


١ سورة الحجر: الآية ٩.
٢ محاسن التأويل: ج١٠ ص٣٧٤٨-٣٧٤٩.
٣ سورة فصلت: من الآية ٤١.
٤ محاسن التأويل: ج١٤ ص٥٢١١.
٥ سورة البقرة: الآية ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>