للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهالك والمعاطب سببا للسلامة وجعل التعرض لذلك سببا للعطب, فهو الذي يدبر الأمور بحسب قدرته وإرادته وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ١.

هذا ما ذهب إليه أهل السنة في ذلك ولم يقل أحد منهم بالبداء, أما الإمامية الاثنا عشرية فلهم رأي آخر في هذه الآية ونحوها, ففي تفسيرها يقول محمد حسين الطباطبائي: "أقول: والروايات في البداء عنهم عليهم السلام متكاثرة مستفيضة, فلا يعبأ بما نقل عن بعضهم أنه واحد"٢.

ثم يوضح ما تدل عليه الآية بزعمه فيقول: "والرواية كما ترى تنفي البداء بمعنى علمه تعالى ثانيا بما كان جاهلا به أولا، بمعنى تغير علمه في ذاته كما ربما يتفق فينا، تعالى عن ذلك، وإنما هو ظهور أمر منه تعالى ثانيا بعدما كان الظاهر منه خلافه أولا، فهو محو الأول وإثبات الثاني والله سبحانه عالم بها جميعا"٢.

ويستدل الخوئي بهذه الآية أيضا, على إثبات النوع الثالث من أنواع البداء وعلى وقوعه فيقول: "الثالث: قضاء الله الذي أخبر به نبيه وملائكته بوقوعه في الخارج إلا أنه موقوف على أن لا تتعلق مشيئة الله بخلافه, وهذا القسم هو الذي يقع فيه البداء: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [١٣: ٣٩] , {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [٢٩: ٤] "٣، وقد دلت على ذلك روايات كثيرة منها هذه:

١- ما في تفسير على بن إبراهيم عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله -عليه السلام- قال: "إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء الله تعالى في تلك السنة, فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره أو ينقص شيئا أمر الملك أن يمحو ما يشاء، ثم أثبت الذي أراده، قلت: وكل شيء هو عند الله مثبت في كتاب؟ قال: نعم، قلت: فأي


١ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: عبد الرحمن السعدي ج٤ ص١١٦ و١١٧.
٢ الميزان ج١ ص٣٨١.
٣ البيان: للخوئي ج١ ص٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>