للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قالوا: "ما عبد الله بشيء مثل البداء"١، وقالوا: "ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء"٢، وقالوا: "ما عظم الله عز وجل بمثل البداء"٣، وقالوا: "لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه"٣؟

ما المقصود من إنزال هذا المعتقد هذه المنزلة؟ لو كان الأمر فيه اعتقاد كاعتقاد أهل السنة ما احتاج ذلك إلى كل هذا التوثيق والتأكيد, وما احتاج إلى أن يجعل أصلا من أصول العقيدة, وما احتاج إلى أن يكون أكبر ما عبد أو عظم الله به، ولكن الأمر أكبر من ذلك.

قال سليمان بن جرير: إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدا وهما: القول بالبداء وإجازة التقية إلى أن قال: "فأما البداء فإن أئمتهم أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم ... فيما كان ويكون والإخبار بما يكون في غد وقالوا لشيعتهم: إنه سيكون في غد كذا كذا فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمه الأنبياء وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي قالوا: إنه يكون على ما قالوا، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك بكونه"٤.

ويؤكد هذا ما نسبوه إلى أبي عبد الله وأبي جعفر وعلي بن الحسين والحسين بن علي والحسن بن علي وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه: "لولا آية في كتاب الله لحدثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ ... } "٥.

بل إن صاحب الكافي عقد بابا في أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون, وأنهم لا يخفى عليهم الشيء٦، وعقد المجلسي بابا في "أنهم أعلم من الأنبياء, عليهم السلام"٧.

إذن فلا بد من اللجوء إلى عقيدة البداء بمعناها الباطل, إذ هو المخرج إذا وقع خلاف ما نسب إلى أئمتهم، وإذا ما أنكر "بعضهم" أن الإمامية يقولون بهذا فإنكارهم تقية إذ كتبهم على ما ينكرون شاهدة.


١ الكافي, كتاب التوحيد, باب البداء: محمد بن يعقوب الكليني ج١ ص١٤٦.
٢ المصدر السابق ١/ ١٤٨.
٣ البيان: الخوئي ج١ ص٣٩٢.
٤ المقالات والفرق: سعد القمي ص٧٨؛ وفرق الشيعة: النوبختي ص٥٥ و٥٦.
٥ البيان في تفسير القرآن: الخوئي ص٣٩٠.
٦ الكافي: الكليني ج١ ص٢٦٠-٢٦٣.
٧ البحار: المجلسي ج٢٦ ص١٩٤-٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>