للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مشوب الفهم لم يلبث دون أن تقضي أن {وَأَرْجُلَكُمْ} معطوف على موضع رءوسكم وهو النصب, وفهمت من الكلام وجوب غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين ولم يخطر ببالك أن ترد {وَأَرْجُلَكُمْ} إلى {وُجُوهَكُمْ} في أول الآية مع انقطاع الحكم في قوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ، بحكم آخر وهو قوله: "وامسحوا بوجوهكم"١، فإن الطبع السليم يأبى عن حمل الكلام البليغ على ذلك "إلى أن قال": وعلى ذلك وردت الروايات عن أئمة أهل البيت -عليهم السلام- وأما الروايات من طرق أهل السنة فإنها وإن كانت غير ناظرة إلى تفسير لفظ الآية وإنما تحكي عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفتوى بعض الصحابة, لكنها مختلفة: منها ما يوجب مسح الرجلين ومنها ما يوجب غسلهما.

وقد رجح الجمهور منهم أخبار الغسل على أخبار المسح ولا كلام لنا معهم في هذا المقام؛ لأنه بحث فقهي راجع إلى علم الفقه, خارج عن صناعة التفسير"٢؟!

وهكذا لما أعيته الحيلة وعجز عن رد أدلة الجمهور المستندة إلى فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- زعم أنها خارجة عن صناعة التفسير, وما درى أن فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقوله ما هو إلا التفسير الصحيح للقرآن الكريم.

إرث الأنبياء:

وقال في ميراث الأنبياء ما قال به المذهب الشيعي, ففسر قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} ٣، بقوله: "أي: ورثه ماله وملكه وأما قول بعضهم: المراد به وراثة النبوة والعلم ففيه أن النبوة لا تقبل الوراثة لعدم قبولها الانتقال، والعلم وإن قبل الانتقال بنوع من العناية غير أنه إنما يصح في العلم الفكري


١ كذا وردت وهو لا شك يقصد: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} .
٢ تفسير الميزان ج٥ ص٢٢٢.
٣ سورة النمل, من الآية ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>