للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيي في هذا التفسير:

قراءة قصيرة في هذا التفسير تدرك منها أول ما تدرك, أن هذا الكتاب لم يؤلف للعامة وإنما للعلماء نظرا لما فيه من أبحاث دقيقة عميقة, ويقال فيه ما قيل في تفسير الكشاف, أنه من أحسن التفاسير لولا ما فيه من الاعتزال, أما هذا التفسير فهو من أحسن التفاسير في العصر الحديث ولولا ما فيه من التشيع المتطرف.

ومن مزاياه هذه الأبحاث الواسعة الشاملة التي يوردها في تفسير بعض الآيات مستقصيا مستوفيا لأطراف القضية التي يبحثها, فمن ذلك مثلا تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١ الآيات، فقد جاء تفسيره لها في ١٣٧ صفحة, وجاء تفسيره لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ٢ الآيات في حوالي ٧٠ صفحة وتفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} ٣ الآيات في حوالي ٨٦ صفحة, وغير هذا كثير.

وإني لأعجب حقا من هذه العقلية التي تغوص بك في عويص المعاني وتجلو لك غامض الحقائق أعجب منها إذا ما طفت إلى السطح كيف يلتبس عليها الأمر؟ وكيف تختلط عليها الحقائق وتلتبس السبل؟ وكيف تقبل هذه الخرافات والمهازل؟!

صحيح أن المؤلف أورد غالب هذه الأمور تحت عنوان بحث روائي, وصحيح أن المؤلف يجعل بعضها من أسلوب الجري الذي قال عنه:

"روايات الجري كثيرة في الأبواب المختلفة وربما تبلغ المائتين. ونحن بعد


١ سورة المائدة: الآية ١١٦.
٢ سورة آل عمران: الآية ٧.
٣ سورة الأنعام: الآية ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>