للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما كنت لأرد عليه لولا أن هذه الشبهة قد تلتبس على بعض الأبصار فأردت بيان حقيقتها، وإلا فقد جاء بما هو أعظم فرية وأكثر انحرافا وإلحادا, ولم أعمد إلى الرد عليه؛ لأن الحق فيه واضح معلوم بالضرورة من الشريعة التي يزعم الانتساب إليها.

الظلم:

وقد ورد عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- تفسير الظلم في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ١ بأنه الشرك. ولم يرتض محمود طه هذا التفسير مع علمه بوروده عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحته, وجاء بتفسير جديد قال: "ولما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ، شق على الناس فقالوا: يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه؟ فقال: "إنه ليس الذي تعنون ... ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يا بنيّ لا تشرك بالله, إن الشرك لظلم عظيم""٢، فسري عنهم لأنهم علموا أنهم لم يشركوا مذ آمنوا ... والحق أن المعصوم فسر لهم الآية في مستوى المؤمن"!! " وهو يعلم أن تفسيرها في مستوى المسلم فوق طاقتهم, ذلك بأن الظلم في الآية يعني الشرك الخفي, على نحو ما ورد في آية سر السر: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} ٣، ٤.

ولا يخفى ما في هذا التفسير من مخالفة لبيان الرسول صلى الله عليه وسلم، أما الزعم بأنه فسر لهم الظلم على مستوى المؤمنين ولم يفسره لهم على مستوى المسلم فأمر باطل منكر؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- جاء بدين واحد


١ سورة الأنعام: الآية ٨٢.
٢ صحيح البخاري: كتاب التفسير ج٦ ص٢٠؛ صحيح مسلم: كتاب الإيمان ج١ ص١١٤ و١١٥.
٣ سورة طه: الآية ١١١.
٤ القول الفصل: حسين محمد زكي ص٦٥ و٦٦ عن الرسالة الثانية: محمود طه ص١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>