للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نعتقد في علي ما تعتقده فيه الشيعة، بل هو عبد من عباد الله وهو هكذا يقول, وبسبب بطانته السيئة وقع ما وقع١.

أما خلاصة رأيهم فيه -رضي الله عنه- بعد ذلك, فإنهم يرون أنه بقبوله التحكيم قد خلع نفسه عن الإمامة وولاها الحكمين على عهد الله وميثاقه أن يوليا من شاءا ويعزلا من شاءا, فقد اتفقا على خلعه واختلفا في التولية له, فولى أحدهما معاوية واحرنجم الثاني فلم يفعل شيئا وافترقا على ذلك، ولما رأى أولئك المؤمنون نهاية الواقع وما كانوا يرضون معاوية إماما في الدنيا, فضلا عن أن يكون إماما للدين فلذلك تسرعوا إلى البيعة لعبد الله بن وهب الراسبي المعروف بذي الثفنات، فلما وقعت البيعة لزمت, وحرم تركها بغير موجب"٢.

ولذا فهم يعتقدون أن البيعة انتقلت بعد علي -رضي الله عنه- إلى عبد الله بن وهب الراسبي, الذي بايعوه بعد التحكيم.

"ولما بايعوه بعثوا إلى أصحابهم مسرورين ببيعتهم مبتهجين برضاه وقبوله على يقين واطمئنان أن علي بن أبي طالب لا يعود يطالبهم بإمامة أو يدعيها"٣.

ولكن عليا -رضي الله عنه- توجه إلى عبد الله الراسبي وأباد جيشه في النهروان, وكان عبد الله من بين القتلى، قال أحد مؤرخيهم: "ولا أظنه أمر بقتلهم ولا أشار إليهم ورأى السكوت يسعه حيث قال له القائمون بأمره عن القوم ما قالوا, ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم حيث نسبوا إلى أهل الحق ما نسبوا؛ ليتوصلوا إلى الباطل بما حصلوا, ولا أرى عليا إلا خليا من دماء القوم ولا ألومه, وهو قاصدهم ليتفاهم معهم ويتفاوض هو وإياهم"٤.

لكنهم مع هذا لا يتبرءون من عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه.


١ الحقيقة والمجاز ص٢١ و٢٢.
٢ المرجع السابق ص١٥.
٣ طلقات المعهد الرياضي: سالم بن حمود بن شامس ص٢١.
٤ الحقيقة والمجاز ص١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>