للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما معاوية -رضي الله عنه- فإنهم يعتقدون أن أولئك القائمين بالنهروان, كل واحد منهم أفضل من معاوية بمسافات١، "كذا" وهم يعتقدون أنه "خرج على الإمام محاربا له, شاقا عصا المسلمين يريد أن يفرق جمعهم ويهدم بناءهم ويقلب أمورهم ظهرا لبطن؛ ليسيطر عليهم فيكون ملكا فيهم وزعيما عليهم"٢، وقالوا: "فخرج معاوية على علي وعلى المسلمين، بل خرج على الدين لما كان علي بن أبي طالب إمام عامة, ثبتت إمامته بإجماع خرج عليه يشق عصا المسلمين ولا يبالي بما يكون من خصام وما يكون من دماء تسفك على غير حق، بل خرج على الإمام يشق طريق الخصام ولا يبالي بسفك دماء المسلمين"٢، هكذا زعموا في معاوية -رضي الله عنه- أما طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين- فقالوا عنهم بعد بيعتهم لعثمان، رضي الله عنه: "وبايعه فيمن بايع طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ثم نكثا ما بعنقهما من البيعة, واستنفرا معهما أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر, فحاربهم علي وقهرهم ... أما السيدة عائشة فقد تابت من عملها بعد ذلك, وندمت أشد الندم"٣.

موقفهم من مخالفيهم:

سأكتفي هنا بإيراد جزء من خطبة أبي حمزة المختار بن عوف أحد كبار أئمتهم، التي وجهها إلى أهل المدينة المنورة بعد استيلائه عليها فقال: "أيها الناس, نحن من الناس والناس منا إلا عابد وثن وملكا جبارا، وصاحب بدعة يدعو الناس إليها، وإن امتنعوا من ذلك دعوناهم إلى أن نجري عليهم حكم الله تعالى من دفع الحقوق والخضوع لواجب الأحكام, فإن أذعنوا لذلك تركناهم على ما هم عليه ووجب لهم من الحقوق والأحكام ما يجب لنا وعلينا إلا ما كان من الاستغفار, فلا حق لهم فيه ما داموا متمادين على ما هم عليه ووسعنا وإياهم


١ الحقيقة والمجاز ص١٤.
٢ المرجع السابق ص١١ و١٢.
٣ مختصر تاريخ الأباضية: أبو الربيع سليمان الباروني ص١٦ و١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>