للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتقاد أو بترك الإقرار، وينافق بترك العمل، ويثبتون الصغيرة, وقال الباقون كذلك وأنه لا صغيرة، ومذهب المحدثين أن انضمام العمل والإقرار إلى الاعتقاد على التكميل لا على أنه ركن, ونحن نقول: انضمامها إليه ركن وهما جزء ماهيته، وقيل: شرط خارج عن الماهية لا ينتفع به بدونهما، وإن ماهيته هي التصديق بالقلب فقط وأما الإقرار فلإشهار دين الله -تبارك وتعالى- وتعظيمه والدعاء إليه، ونفي أحكام المشركين عن نفسه، وأما العمل فلوجوب الصدق، فمن لم يعمل فقد كذب اعتقاد وإقراره إن أقر وخرج عن عبادته من أقر له واعترف واعتقد أنه عبده، وعلى كلا القولين من أن الإقرار والعمل شرطان، أو شطران لماهية الإيمان يكفي إقراره وعمله في خلوة عن حضور أحد، وزعمت الكرامية الإيمان هو التلفظ بالشهادتين سواء طابقه الاعتقاد أم لا، فإن طابقه نجا ولو لم يعمل, وإلا فهو مخلد في النار من غير أن يسموه مشركا، فعندهم التلفظ ينفي اسم الشرك باطنا كما ينفيه ظاهرا، ولا ينفي حكمه وهو الجزاء بالنار إن لم يطابقه الاعتقاد، ويبطل قولهم ما وردت به لغة العرب والقرآن والسنة أن الإيمان تصديق بالقلب وإذعانه، وقال أبو حنيفة وبعض الأشاعرة: الإيمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان؛ لأن التصديق لما اعتبر بكل من اللسان والجنان كان كل منهما جزءا من ماهية الإيمان، ولكن تصديق القلب ركن لا يحتمل السقوط، وتصديق اللسان يسقط لنحو خرس أو إكراه وهو موافق لما نقوله معشر الأباضية الوهبية غير أنا نقول:

"إن العمل جزء من ماهية الإيمان, لكن لا يخفى أنه جزء من ماهية الإيمان التام لا من مطلق الإيمان، بدليل أنه لا نحكم بالشرك على من ترك العمل، قال١: الإيمان باقٍ فيمن ترك العمل، ولكنه لا ينفيه فمطلق الإيمان تركت ماهيته عندنا بالاعتقاد والإقرار فقط, ورجح بأن الله جل وعلا ذم المعاند أكثر من الجاهل المقصر, ويجاب بأن الذم للإنكار والعناد لا لمجرد عدم الإقرار"٢.


١ صحة العبارة: فإن الإيمان.
٢ هميان الزاد؛ ج١ ص١٩٤-١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>