للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعد هذا كله ذكر الشيخ محمد أطفيش الرأي الذي يميل إليه بين هذه الآراء فقال: "وقيل, أي الإيمان: الاعتقاد فقط، وأما الإقرار فلما مر من إشهار الدين والدعاء إليه ونفي أحكام الشرك ونحو ذلك، وللعبادة والثواب والتوكيد ويدل له إضافة الإيمان إلى القلب مثل: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَان} ١، ولم يؤمن قلبه: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ٢، وعطف العمل الصالح عليه في مواضع لا تحصى، ونطق اللسان من العمل الصالح، وقرنه بالمعاصي كالاقتتال والقتل والظلم في نحو: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} ٣، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} ٤، {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} ٥، مع ما في ذلك من قلة التغير عن معناه اللغوي، ومن قربه إليه ويدل لذلك تعديه بالباء يتبادر منه التصديق, ويدل له أنا إذا رأينا من أحد إمارة المؤمنين حكمنا بإيمانه وأزلنا عنه حكم الشرك, وكذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلم أن الإيمان في القلب، وأنه بأية علامة كشف عنه حكمنا به، سواء كشف عنه اللسان أو غير اللسان، ولست في ذلك قاصدا لمخالفة أصحابنا -رحمهم الله- ولكن ذكرت ما أدى إليه اجتهادي"٦.

وهو بما أدى به إليه اجتهاده من القول بأن الإيمان هو الاعتقاد, قد خالف جمهور الأباضية حيث يقول: "غير أن جمهورنا كما علمت إلا قليلا جدا وجمهور قومنا أيضا يقولون: لا إيمان بلا إقرار"٦.

وقد وهم الشيخ محمد حسين الذهبي -رحمه الله تعالى- فقد اعتقد أن المؤلف سار على رأي الأباضية في هذا, فقال في وصفه: "إنه يحاول محاولة جدية


١ سورة النحل: من الآية ١٠٦.
٢ سورة الحجرات: من الآية ١٤.
٣ سورة الحجرات: من الآية ٩.
٤ سورة البقرة: من الآية ١٧٨.
٥ سورة الأنعام: من الآية ٨٢.
٦ هميان الزاد: ج١ ص١٩٦ و١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>