للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تحقيق أن العمل جزء من الإيمان، ولا يتحقق الإيمان بدونه"١ مع أن الذهبي نفسه نقل نصا للمؤلف خلاف هذا.

ففي تفسير قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ٢ أكد المؤلف على قيمة العمل مع الإيمان, لكنه لم يجعله جزءا منه أو لا يتحقق الإيمان بدونه، بل صرح بأن عطف العمل الصالح على الإيمان يدل على المغايرة بين المتعاطفين ولنسق كلام المؤلف بنصه: " {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} ترى الإنسان يقيد كلامه مرة واحدة بقيد, فيحمل سائر كلامه المطلق على هذا القيد، فكيف يسوغ لقومنا أن يلغوا تقييد الله عز وجل الإيمان بالعمل الصالح مع أنه لا يكاد يذكر الفعل من الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح, بل الإيمان نفسه مفروض لعبادة من يجب الإيمان به وهو الله تعالى، إذ لا يخدم الإنسان مثلا سلطانا لا يعتقد بوجوده وبثبوت سلطنته, فالعمل الصالح كالبناء النافع المظلل المانع للحر والبرد والمضرات, والإيمان أس فلا ينفع الأس بلا بناء عليه ولو بنى الإنسان ألوفا من الأسوس ولم يبن عليها؛ لهلك باللصوص والحر والبرد وغير ذلك, فإذا ذكر الإيمان مفردا قيد بالعمل الصالح وإذا ذكر العمل الصالح فما هو إلا فرع الإيمان، إذ لا تعمل لمن لا تقر بوجوده, وفي عطف الأعمال الصالحات على الإيمان دليل على أن كلا منهما غير الآخر؛ لأن الأصل في العطف المغايرة بين المتعاطفين, ففي عطف الأعمال الصالحات على الإيمان إيذان بأن البشارة بالجنات إنما يستحقها من جمع بين الأعمال الصالحات والإيمان، لكن الأعمال الصالحات تشمل الفرض والنفل والمشروط الفرض وأما النفل فزيادة خير"٣.

وبهذا يتبين أن الإيمان عند المؤلف هو الاعتقاد فقط, أما الأعمال الصالحات والإيمان فكل منهما غير الآخر ولكن الجمع بينهما شرط لاستحقاق البشارة بالجنات.


١ التفسير والمفسرون: محمد حسين الذهبي ج٢ ص٣٢٢.
٢ سورة البقرة: من الآية ٢٥.
٣ هميان الزاد: ج١ ص٣٦١ و٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>