للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تائب يرجى له أنه إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وأدخله النار, وإن شاء غفر له، ومذهبنا أن من مات على كبيرة غير تائب لا يرجى له"١.

أما إذا صدمته بالآية التي تنص على مغفرة الله لمن يشاء وتعذيبه لمن يشاء في قوله سبحانه: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} قال: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} الغفران له: أن يوفقه للتوبة {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} تعذيبه بأن لا يوفقه. وليس من الحكمة أن يعذب المطيع الموفي وليس منها أن يرحم العاصي المصر وقد انتفى الله من أن يكون ظالما وعد من الظلم النقص من حسنات المحسن والزيادة في سيئات المسيء وليس من الجائز عليه ذلك خلافا للأشعرية في قوله٢: يجوز أن يدخل الجنة جميع المشركين والنار جميع الأبرار, وقد أخطئوا في ذلك لا يجوز ذلك ولو شخص واحد"٣.

هذا هو الخلاف الأول نحو مرتكب الكبيرة, فأهل السنة كما ذكرنا قالوا: إنه تحت المشيئة والأباضية قالوا: لا يغفر له إلا بالتوبة، أما الخلاف الثاني ففي خلوده في النار بعد دخوله.

خلود مرتكب الكبيرة في النار:

أما أهل السنة فيعتقدون أن أصحاب الكبائر في النار لا يخلدون, هذا إن أدخلهم الله إياها ولم يغفر لهم قبل الدخول، أما الأباضية فيعتقدون خلود أصحاب الكبائر في النار لا يفنون ولا تفنى، ففي تفسير قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ٤، قال: "لا يخرجون منها: المشركون والفاسقون والأصل في الخلود الدوام، وحمله على المكث الطويل إنما يصح لدليل ولا خلاف في دوام المشرك في النار, ومعنى إحاطة الخطيئة به أنها أهلكته إذ لم يتخلص منها بالتوبة, وليس المراد أنها به بمعنى


١ هميان الزاد: ج١٢ ص٧٣.
٢ كذا بالإفراد, والضمير يرجع للأشعرية.
٣ هميان الزاد: ج٤ ص٢٤٠ و٢٤١.
٤ سورة البقرة: الآية ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>