للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجودة فيها، فتعيين تلك الشجرة بشيء من الحبوب والثمار أو العلوم والأوصاف بيان لبعض شئونها. روى في تفسير الإمام "على" أنها شجرة علم محمد "صلى" وآل محمد "صلى" الذين آثرهم الله تعالى به دون سائر خلقه فقال الله تعالى: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة} ، شجرة العلم فإنها لمحمد "صلى" وآله "صلى" دون غيرهم ولا يتناول منها بأمر الله إلا هم، ومنها ما كان يتناوله النبي "صلى" وعلي "على" وفاطمة "على" والحسن "على" والحسين "على" بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتى لم يحسوا بجوع ولا عطش ولا تعب ولا نصب وهي شجرة تميزت من بين سائر الأشجار بأن كلا منها إنما يحمل نوعا من الثمار, وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الثمار والفواكه والأطعمة؛ فلذلك اختلف الحاكون فقال بعضهم: برة وقال آخرون: هي عنابة وهي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين والآخرين من غير تعلم, ومن تناول بغير إذن الله خاب من مراده وعصى ربه "أقول: آخر الحديث يدل على ما قالته الصوفية من أن السالك ما لم يتم سلوكه ولم ينته إلى مقام الفناء ولم يرجع إلى الصحو بعد المحو بإذن الله, لم يجز له الاشتغال بالكثرات ومقتضيات النفس زائدا على قدر الضرورة وشجرة علم محمد "صلى" وآل محمد "صلى" إشارة إلى مقام النفس الجامع لكمالات الكثرة والوحدة"١.

وهذا النوع من التفسير عنده وعند الصوفية لا يدرك بالقوة البشرية ولا بالمدارك الشيطانية, فلم يبق إلا الإلهام الإلهي حيث يقول: "ولما كان قصة آدم وخلقته وأمر الملائكة بسجدته وإباء إبليس عن السجود وهبوطه عن الجنة وبكاؤه في فراق الجنة ... إلخ, من مرموزات الأوائل وقد كثر ذكره في كتب السلف خصوصا كتب اليهود وتواريخهم ورد أخبارنا٢ مختلفة في هذا الباب اختلافا كثيرا مرموزا بها إلى ما رمزوه ومن أراد أن يحملها على ظاهرها تحير فيها, ومن رام أن يدرك المقصود بقوته البشرية والمدارك الشيطانية منها طرد عنها ولم يدرك منها


١ بيان السعادة: ج١ ص٤٥ و٤٦.
٢ كذا وردت.

<<  <  ج: ص:  >  >>