ولعلي ألمح سؤالا يوحي باعتراض على هذا التقسيم أحب أن أجيب عليه ما دام رطبا، يقول السؤال فيما أحسبه: لم فصلت الاتجاه العقدي عن الاتجاه العلمي ولم تجعل الأول منهجا من مناهج الاتجاه الثاني؟
أقول لهذا المعترض: لقد رأيت في الاتجاه الأول "العقدي" ما يوجب فصله عن الاتجاه الثاني واستقلاله باتجاه خاص, ذلكم أن العقيدة أصل تنبثق منها العلوم الأخرى وليست فرعا صغيرا منه.
وبعبارة أوضح: إن التفسير السني وهو منهج من مناهج الاتجاه العقدي قد تكون وسيلته التفسير بالمأثور وقد يصطبغ بالمنهج العلمي التجريبي وقد يكون فقهيا وهو باقٍ متربع في منهج أهل السنة والجماعة, لكنه لا يكون بحال من الأحوال متأثرا بالمذهب الشيعي أو الأباضي, فبينهما فاصل كبير.
وكذا المذهب الشيعي وهو فرع من فروع الاتجاه الأول "العقدي" قد يكون بالمأثور عن أئمتهم, وقد يكون فقهيا وقد يكون مصطبغا بالصبغة العلمية التجريبية, لكنه لا يكون سنيا ولهذا فإني رأيت فصل الاتجاه العقدي بمناهجه عن الاتجاه العلمي بمناهجه.
٣- الاتجاه العقلي الاجتماعي:
وإنما أفردته كذلك؛ لأن أصحابه لم يتأثروا كل التأثر بالمدرسة العقلية القديمة "المعتزلة" وإلا لاعتبرتها امتدادا لمدرسة الاعتزال وأدخلتها ضمن الاتجاه الأول "العقدي" لكن الفاصل بينهم يبدو كبيراحيث لم يلتزموا أصولهم الخمسة التي لا يصح الاعتزال بدونها كما يعترف بذلك أئمة المعتزلة، وإنما كان نصيبهم التأثر بتحكيم العقل تأثرا بينا، بقي أن أقول: إني لم أدخلهم أيضا في الاتجاه