للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- وقال جماعة: إن خمس الغنيمة موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه من غير تقدير، ويعطي القرابة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، والمراد بذكر الله في الآية بيان أن الخمس يُصرف في وجوه القُرَب إلى الله، وتخصيص الوجوه المذكورة للتنبيه على فَضْلِها، وهو قول مالك، وأيده ابن تيمية وقال: عليه أكثر السلف، وهو أصح الأقوال"١.

الدولة دين وسياسة:

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} ٢.

أنكر الشيخ مناع -وفقه الله- على أولئك الذين فصلوا بين الدين والسياسة، فعدَّ من الأحكام لهذه الآية أن "فيها جمع سلطة النبوة والحكم وسياسة الأمور وحماية الدولة في الشريعة، فكيف يسوغ للمارقين عن شريعة الإسلام فصل الدين عن الدولة مع عموم رسالة الإسلام وكمالها؟! "٣.

ثم قال في المعنى الإجمالي لهذه الآية: "وبهذا جمع الله في سلطة داود الدين والدولة، أو النبوة والحكم، وقد عرف الناس في تاريخ الحضارة الغربية ثورتها على الكنيسة ورجالها؛ لأسباب ليست في طبيعة الإسلام وحضارته، ويأبى ببغاواتنا المستغربون إلا أن ينهجوا نهج أساتذتهم؛ فيقفوا من الإسلام ورجاله موقف أولئك من الكنيسة ورجالها؛ حتى فصلوا بين الدولة والدولة، وعزلوا الإسلام عن تنظيم حياة المجتمع، وسياسة شئون الأمة؛ فأصبحت الشريعة المحمدية في معظم ديار الإسلام طقوسًا تعبدية، يؤديها مَن يشاء في المنزل أو المسجد، أفلا ينظر هؤلاء إلى داود في نبوته وحكمه، وقد كانت رسالته قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بعشرات القرون؛ ليأخذوا من ذلك العظة والعبرة؟! "٤.


١ تفسير آيات الأحكام: مناع القطان ج١ ص٧١.
٢ سورة الأنبياء: الآية ٨٧.
٣ تفسير آيات الأحكام: مناع القطان ج٢ ص٩.
٤ تفسير آيات الأحكام: مناع القطان ج٢ ص١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>