للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجاب المرأة:

في قوله تعالى مخاطبًا نساء المؤمنين: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ١، قال الشيخ مناع: "والذي يدل عليه سياق الآية النهي عن إبداء الزينة إلا ما كان ظاهرًا لا يمكن إخفاؤه، أو ظهر بدون قصد، فيما لا بد منه للمرأة من حركة أو إصلاح شأن أو هبوب ريح أو نحو ذلك، مما تدعو إليه الضرورة؛ لأن قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يفيد أنه ظهر بنفسه من غير قصد، وهذا بخلاف ما يتعمد الإنسان إظهاره.

وعلى هذا، فلا يصح أن يرجع الخلاف في وجوب ستر الوجه والكفين أو عدم وجوب ذلك إلى الآية؛ وإنما يرجع غلى اختلاف الأدلة من السنة؛ فيستدل مَن يرى عدم الوجوب بحديث خطبة العيد؛ حيث يقول الراوي: فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين٢، وبحديث المرأة الخثعمية في الحج التي جاءت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أردف خلفه الفضل بن عباس، فأخذ يلتفت إليها وتنظر إليه، والرسول يحول وجهه من الشق الآخر، وبعدم وجوب ستر ذلك في الصلاة والحج.

واستدل مَن يرى وجوب ستر الوجه والكفين بقول عائشة في حديث الإفك حين استيقظت على استرجاع صفوان: فخمرت وجهي بجلبابي، وبقولها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا جازونا أسدلت إحادنا جلبابها من رأسها على وجهها، والنهي عن انتقاب المرأة المحرمة ولبس القفاز دليل على أن النقاب والقفاز كانا معروفَيْنِ في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.

وفَرْقٌ بين لباس الصلاة والحجاب، فالمرأة لا يجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس، ولو كانت في بيتها لا يراها أحد، وفي غير الصلاة يجوز لها ذلك؛ فالحجاب شيء آخر فوق


١ سورة النور: من الآية ٣١.
٢ صحيح مسلم: كتاب العيدين ج٢ ص٦٠٣، مسند الإمام أحمد ج٣ ص٣١٨، سنن الدارمي: العيدين ج١ ص٣٧٧، والنسائي: العيدين ج٣ ص١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>