للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني: في كيفية قسمة الغنائم: وقال فيه: "اعلم أن هذه الآية يقتضي أن يُؤخذ خمسها، وفي كيفية قسمة ذلك الخمس قولان:

الأول: وهو المشهور أن ذلك الخمس يخمس؛ فسهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهم لذوي قرباه من بني هاشم وبني المطلب، دون بني شمس وبني نوفل ... وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعند الشافعي -رحمه الله- أنه يقسم على خمسة أسهم: سهم لرسول الله يُصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين؛ كعدة الغزاة من الكراع والسلاح، وسهم لذوي القربى -أغنيائهم وفقرائهم- يُقسَّم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفِرَق الثلاثة؛ وهم: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وقال أبو حنيفة: إنه بعد وفاة الرسول عليه السلام سهمه ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، فهم أسوة بسائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم، فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل، وقال مالك: الأمر في الخمس مفوض إلى رأي الإمام، إن رأى قسمته على هؤلاء فعل، وإن رأى إعطاء بعضهم دون بعض فله ذلك.

واعلم أن ظاهر الآية مطابق لقول الشافعي -رحمه الله- وصريح فيه، لا يجوز العدول عنه إلا لدليل منفصل أقوى منها، وكيف وقد قال في آخر الآية {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّه} ؟ يعني: إن كنتم آمنتم بالله فاحكموا بهذه القسمة، وهو يدل على أنه متى لم يحصل الحكم بهذه القسمة لم يحصل الإيمان بالله.

القول الثاني: وهو قول أبي العالية أن خمس الغنيمة يقسم على ستة أقسام؛ فواحد منها لله، وواحد لرسول الله، والثالث لذوي القربى، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكن وابن السبيل، والدليل عليه أنه تعالى جعل خمس الغنيمة لله ثم للطوائف الخمسة ... "١.


١ دراسات في تفسير بعض آيات الأحكام: د. كمال جودة أبو المعاطي ص٢٢، ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>