للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغنيه لها قوله: "اتفق فقهاء المذاهب على أن المسلم لا يحل له أن يتزوج بمن لا تدين بشيء إطلاقًا، ولا بمن تعبد الأوثان والنيران وما إليها، واختلفوا في زواج الكتابية؛ أي: النصرانية واليهودية، فقال أصحاب المذاهب الأربعة السنية: يجوز، واستدلوا بهذه الآية، واختلف فقهاء الشيعة بين مجيز ومانع ومفصل بين الزواج الدائم والمقطع، فأجاز الثاني ومنع الأول.

ونحن مع القائلين بالجواز مطلقًا، ومستندنا: أولًا: الأدلة الدالة على إباحة الزواج بوجه عام. ثانيًا: قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} . ثالثًا: الروايات الكثيرة عن أهل البيت -رضي الله عنهم- وذكرها صاحب الوسائل والجواهر، ووصفها هذا بالمستفيضة؛ أي: بلغت حدًّا من الكثرة يقرب من التواتر، ونقلنا بعضها في الجزء الخامس من فقه الإمام جعفر الصادق.

وتسأل: وما أنت صانع بقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ١، وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكوَافِرِ} ٢؟

الجواب: المشركات غير الكتابيات؛ بدليل عطف المشركين على أهل الكتاب في الآية الأولى من سورة البينة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} ، أما قوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكوَافِرِ} فغير صريح في الزواج؛ لأن الإمساك بالمعصم كما يكنى به عن الزواج يكنى به عن غير الزواج أيضًا، قال صاحب المسالك: إن الآية ليست صريحة في إرادة النكاح ولا فيما هو أعم منه"٣.

وهكذا أنهى مغنيه تفسيره لهذه الآية، وإن كان في جوابه المختصر هذا ما لا يسلم، وتثور فيه الأسئلة؛ لكنه مر عليها على عجل لا يمكنه من استقصاء الأدلة وإبطال الاعتراضات، وحسبنا أنه ذكر رأيه.


١ سورة البقرة: من الآية ٢٢١.
٢ سورة الممتحنة: من الآية ١٠.
٣ التفسير الكاشف: محمد جواد مغنيه ج٣ ص١٩، ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>