للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أبو القاسم الخوئي فقد تحدث في تفسيره عن بعض الآيات التي قيل: إنها ناسخة أو منسوخة، وبيَّن أنه لا تناسخ بينها؛ ومن هذه الآيات التي تناولها قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ١، قال في تفسيره: "أدعي أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ٢، ذهب إليه ابن عباس، ومالك بن أنس، وسفيان بن سعيد، وعبد الرحمن بن عمر، والأوزاعي، وذهب عبد الله بن عمر إلى أن الآية الثانية منسوخة بالأُولَى فحرم نكاح الكتابية.

والحق: أنه لا نسخ في شيء من الآيتين؛ فإن المشركة -التي حرمت الآية الأولى نكاحها- إن كان المراد منها التي تعبد الأصنام والأوثان -كما هو الظاهر- فإن حرمة نكاحها لا تنافي إباحة نكاح الكتابية التي دلت عليها الآية الثانية؛ لتكون إحداهما ناسخة والثانية منسوخة، وإن كان المراد من المشركة ما هو أعم من الكتابية- كما توهمه القائلون بالنسخ- كانت الآية الثانية مخصصة للآية الأولى، ويكون حاصل معنى الآيتين جواز نكاح الكتابية دون المشركة، نعم المعروف بين علماء الشيعة الإمامية أن نكاح الكتابية لا يجوز إلا بالمتعة إما لتقييد إطلاق آية الإباحة بالروايات الدالة على تحريم النكاح الدائم، وأما لدعوى ظهور الآية الكريمة في المتعة دون العقد الدائم، ونقل عن الحسين والصَدُوقَيْنِ جواز الدائم أيضًا"٣.

وهذا محمد حسين الطباطبائي -أيضًا- يقول بجواز نكاح الكتابية في تفسيره لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ٤، بعد أن بيَّن بيانًا فيه طول أن لفظ المشركين في القرآن غير ظاهر الإطلاق على أهل الكتاب، قال بعد ذلك: فقد ظهر من هذا البيان على طوله أن ظاهر الآية؛ أعني: قوله تعالى:


١ سورة البقرة: من الآية ٢٢١.
٢ سورة المائدة: من الآية ٥.
٣ البيان في تفسير القرآن: أبو القاسم الخوئي ج١ ص٣٠٦، ٣٠٧.
٤ سورة البقرة: من الآية ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>