للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ما نظرت إلى المراد به عند علماء الشرع وجدت الغزالي يوضح ذلك بقوله: "قد كان العلم يُطلق على العلم بالله تعالى وبآياته وبأفعاله في عباده وخلقه ... وقد تصرفوا فيه بالتخصيص حتى شهروه في الأكثر بمن يشتغل بالمناظرة مع الخصوم في المسائل الفقهية وغيرها ... ولكن ما ورد من فضائل العلم والعلماء أكثره في العلماء بالله تعالى وبأحكامه وبأفعاله وصفاته، وقد صار الآن مطلقًا على مَن لا يحيط من علوم الشرع بشيء سوى رسوم جدلية في مسائل خلافية؛ فيعد بذلك من فحول العلماء مع جهله بالتفسير والأخبار وعلم المذهب وغيره، وصار ذلك سببًا مهلكًا لخَلْق كثير من أهل الطلب للعلم"١.

هذه بعض الاصطلاحات في لفظة "علم"، فهل هي أو أحدها المراد في التفسير العلمي للقرأن؟ نظرة واحدة إلى كتب التفسير العلمي تفيدك أن ليست هذه الاصطلاحات أو أحدها هي المراد من "العلمي" أو "العلم"؛ فلنبحث عن اصطلاح آخر، ولنطوِ صفحات التاريخ إلى العصر الحديث.

إذ قد ظهر في هذا العصر مدلول آخر للعلم نلمس جوانبه في وصفهم لهذا القَرْن أو العصر بأنه عصر العلم "والتطور والنهضة" إلى آخره؛ وإنما يهمنا وصفه بعصر العلم وهم يقصدون بذلك أن العلم هو العلم الطبيعي القائم على دراسة ما في الكون من مواد وعناصر وكائنات، لها خصائصها الذاتية وأنظمتها التي تحكمها من كيمياء وطبيعة وميكانيكا، وغير ذلك من علوم الطب والرياضة والفلك، وما يتضمنه ذلك من حقائق كونية، وأن العمل في إطار هذا المفهوم للعلم هو تطبيق العلم عمليًّا باستعمال الأجهزة والأدوات والوسائل الأخرى الحديثة من مختبرات ومراصد وتجارب واستنباطات منطقية وغير ذلك٢.

هذا ما قصدوه من وصف عصرهم بعصر العلم، وهو ما تناولوه فيما سموه بالتفسير العلمي.


١ إحياء علوم الدين: أبو حامد الغزالي ج١ ص٣٩.
٢ القرآن وإعجازه العلمي: محمد إسماعيل إبراهيم ص٤٤، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>