ونحن وإن كنا نقول: إنه لا مشاحة في الاصطلاح؛ لكنه ينبغي أن يكون في الاصطلاح ما يميزه عن سواه؛ حتى لا تلتبس الأمور وتتداخل الأسماء؛ ولذا فإني نظرتُ -ونظر غيري- إلى هذه العلوم التي تناولها المفسرون تحت عنوان التفسير العلمي فوجدتها تجمعها التجربة والتجارب، فهي علوم ماثلة للأعيان وخاضعة في غالبها للتجربة؛ إذًا فلِمَ لا نخصها بهذه الصفة؟ فلنسمِّ هذا اللون من التفسير "التفسير العلمي التجريبي للقرآن الكريم"؛ حتى يتيمز هذا اللون من التفسير العلمي عن الألوان العلمية الأخرى من العقائد والفقه ونحوها، وكلها علم لا شك فيه.
ثانيهما: وهو متولد عن الأمر الأول؛ إذ يظهر من إطلاق التفسير العلمي على هذه العلوم في العصر الحديث ان هذه التسمية "التفسير العلمي للقرآن الكريم" تسمية حديثة؛ وإنما قلنا: التسمية، ولم نقل: التفسير العلمي نفسه؛ لأنا نجزم بوجود هذا اللون في وقت مبكر؛ لكنه لم يكن مثل العصر الحديث كثرة ولا مقاربًا له.
بل إن كتب التفسير في العصر الحديث أفردته بمؤلفات خاصة.
وظهرت تفاسير تحمل في عنوانها:"التفسير العلمي" أو "الإعجاز العلمي" ونحو ذلك؛ فكان التفسير العلمي من خصائص العصر الحديث في التفسير وإن وُجِدَ بقلة فيما قبله.