للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فريقان؛ منهم مَن يعتقد كونه كذلك على سبيل الجملة من غير أن يقف على ما فيه من الدقائق واللطائف على سبيل التفصيل والتعيين، ومنهم مَن وقف على تلك الدقائق على سبيل التفصيل والتعيين، واعتقاد الطائفة الأولى وإن بلغ إلى أقصى الدرجات في القوة والكمال، إلا أن اعتقاد الطائفة الثانية يكون أكمل وأقوى وأوفى، وأيضًا فكل مَن كان وقوفه على دقائق ذلك الكتاب ولطائفه أكثر كان اعتقاده في عظمة ذلك المصنف وجلالته أكمل"١.

ولذلك فإن الرازي وقد أبدى رأيه في التفسير العلمي، فإنه أكثر من تطبيقه في تفسيره، وتناول شتى العلوم والمعارف مما يبوئه درجة متقدمة في صفوف مؤيدي التفسير العلمي؛ بل بين متطرفي أنصاره.

رأي الزركشي "ت ٧٩٤هـ":

ومن المؤيدين أيضًا الإمام بدرالدين الزركشي، متأثرًا -فيما يبدو لي- بموقف الإمام الغزالي؛ لاتحاد الأدلة وبعض العبارات؛ فقد أورد الزركشي بعض الأقوال التي أوردها الغزالي؛ كقول بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فَهْم، وما بقي من فهمها أكثر، وقول آخر: القرآن يحوي سبعة وسبعين ألف علم ومائتي علم؛ إذ لكل كلمة علم، ثم يتضاعف ذلك أربعة؛ إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومطلع ...

ثم عقب الزركشي عن هذه الأقوال وغيرها بقوله: "وبالجملة فالعلوم كلها داخلة في أفعال الله تعالى وصفاته، وفي القرآن شرح ذاته وصفاته وأفعاله، فهذه الأمور تدل على أن في فهم معاني القرآن مجالًا رحبًا، ومتسعًا بالغًا، وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل، والسماع لا بُدَّ منه في ظاهر التفسير؛ ليتقى به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط والغرائب التي لا تُفهم إلا باستماع فنون كثيرة ... "٢.

بل إن الإمام الزركشي -رحمه الله تعالى- عقد فصلًا خاصًّا عنونه بقوله: "في القرآن علم الأولين والآخرين وقال فيه: "وفي القرآن علم الأولين


١ التفسير الكبير: الفخر الرازي ج١٤ ص١٢١.
٢ البرهان في علوم القرآن: بدر الدين الزركشي ج٢ ص١٥٤، ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>