للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتب المقدسة، وهذا قوله بنصه بعد أن قدم لتفسيره بأن الشمس تسطع على البحار فيتبخر ماؤها فتنشأ السحب الثقال ثم يهطل المطر وتتكون البحيرات والأنهار، قال بعد ذلك:

"تلك قصة الماء التي يراها كلُّ إنسان في كل مكان وزمان، جعل الله منه النبات، وأحيا به الإنسان والحيوان، أما في غابر الأزمان حينما كان الإنسان لا يزال في ضمير الكون سرًّا من الأسرار؛ فإنه بعد أن خلق الله الأرض، وبدأ يهيئها للعُمران أودعها الحياة أول ما أودعها ماء البحار؛ إذ خلق في جوفها أبسط الكائنات من نبات وحيوانات.

وأول الحيوانات التي ظهرت في الماء تلك التي تتكون من خلية واحدة لا تراها العين المجردة، ثم تبعت تلك الحيوانات حيوانات ذات خلايا عدة: الحيوانات اللافقرية، ثم الحيوانات الفقرية التي تنتمي إليها الأسماك.

ظلت الحيوانات حتى ذلك الحين في جوف البحار والمحيطات إلى أن ظهرت بعد ذلك الكائنات التي تجمع في معيشتها بين البر والماء؛ هي الحيوانات البرمائية التي تنتمي إليها الضفادع.

استمر هذا التطور الذي أخذ الملايين من الأعوام في مجراه؛ حتى نشأت الزواحف التي أخذت الأرض لها مسكنًا دون الماء، ثم تبعها في سلسلة التطور الطير الذي اتخذ الأرض له مسرحًا والهواء، ثم ختمت السلسلة بذوات الأربع؛ فامتلأت الأرض بالزواحف والطيور والحيوانات، وكلها قُذفت بادئ ذي بدء من بطن مياه البحار والمحيطات.

وأول مَن قال بهذه النظرية التوراة، التي تكلمت عن نشأة الحيوانات البرية في الإصحاح الأول من سِفْرِ التكوين كما ذكرت آنفًا، ومضمون ما قالت التوراة: هو أن المياه أخرجت زحافات، ثم خلق الله بعد ذلك الطير، ثم تبع ذلك ظهور الحيوانات الثديية.

أما القرآن الكريم، فلم يقتصر على هذا؛ بل أبان أن الماء هو أصل جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>