للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحدة آدم، وقوله: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} معطوف على {خَلَقَكُمْ} أي: هو الذي خلقكم من نفس آدم، وجعل من هذه النفس زوجها وهي حواء، خلقها من ضلع من أضلاعه، وقيل المعنى: {جَعَلَ مِنْهَا} من جنسها، كما في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} ١، والأول أولى"٢.

أما الأستاذ عبد الرزاق نوفل -رحمه الله تعالى- فقد فسر الآية هنا تفسيرًا علميًّا خاطئًا، وفي مؤلفاته كثير من ذلك؛ ففسر النفس الواحدة وزوجها بالإلكترونات والبروتونات، فقال: "أعتبر اكتشاف الإلكترون أكبر نصر علمي أمكن العقل البشري أن يصل إليه حتى إنهم يطلقون على هذا العصر الذي نعيش فيه الآن العصر الإلكتروني؛ إذا يعتبر أن هذا أروع وأهم اكتشاف تميز به عصر من العصور؛ إذ أمكن الوصول إلى الجوهر الفرد وَحْدَة الخلق التي منها خلق كل شيء في الوجود: الإنسان والحيوان والماء والهواء ... الحي والجماد، والأرض والسماء، فوجد أنها وَحْدَة تناهٍ في الصغر إلى درجة لا يقبل الفكر أن يتمثلها، فقطعة الإلكترون أقل من قطعة الذرة بمائة ألف مرة، أما كتلته في حالة السكون فإن الجرام الواحد يزن ٩.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠ إلكترون، وأن هذه الجسيمات التي يتكون منها الوجود هي جسيمات متشابهة؛ أي: واحدة تمامًا، وأن منها الموجب والسالب، وهذه الحقيقة العلمية التي يتيه بها العصر الحديث قد جاء بها القرآن الكريم منذ ١٤٠٠ سنة في صراحة ووضوح؛ إذ تقرر الآية ١٨٩ من سورة الأعراف أن كل ما خلق الله إنما خلقه من نفس واحدة وجعل منها زوجها {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أليست هذه هي البروتونات والإلكترونات ... الكهارب الواحدة موجبة وسالبة؛ أي: النفس الواحدة ... الزوجية الجنس بين موجب وسالب.

وكذلك الآية الأولى من سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ، والآية ٩٨ من سورة الأنعام:


١ سورة النحل: من الآية ٧٢.
٢ فتح القدير: الإمام الشوكاني ج٢ ص٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>